الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لك؛ أن تدعو الله بصلاح ولدك؛ فإنّ دعوة الوالد لولده مستجابة -بإذن الله- وأن تداوم على نصحه بأن يجتهد في الكسب الحلال ليأكل من عمل يده، قال الله -سبحانه وتعالى-: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك: 15}.
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: فسافروا حيث شئتم من أقطارها، وترددوا في أقاليمها، وأرجائها في أنواع المكاسب، والتجارات. انتهى.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا، فيسأله أعطاه، أو منعه.
قال العيني -رحمه الله- في عمدة القاري: وفيه: التحريض على الأكل من عمل يده، والاكتساب من المباحات. انتهى.
وفي صحيح البخاري عن المقدام -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ما أكل أحد طعامًا قط، خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود -عليه السلام- كان يأكل من عمل يده.
وفي المعجم الكبير للطبراني عن كعب بن عجرة قال: مرّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل، فرأى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جلده، ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله: لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين، فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه يعفها، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياء، ومفاخرة، فهو في سبيل الشيطان.
وانصحه أن يقتصد في معيشته ويحذر من الإسراف والمخيلة، قال تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف: 31].
وجاء في صحيح البخاري: باب قول الله تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده [الأعراف: 32] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا، في غير إسراف ولا مخيلة» وقال ابن عباس: كل ما شئت، والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سرف، أو مخيلة.
ولا يجب عليك أن تعطيه ما يريد من الأموال، فنفقته ليست واجبة عليك ما دام بالغًا قادرًا على الكسب، فأحرى ألا يجب عليك أن تعطيه هبة، بل المفتى به عندنا؛ أنّه لا يجوز لك أن تعطيه لزواجه فوق حاجته بالمعروف كما أعطيت إخوانه عند زواجهم، وراجع الفتويين: 6242، 180001.
وننبه على أن الزكاة إنما تجب عند كل حول هجري إذا كان المال بالغًا نصابًا، وحال عليه الحول.
والله أعلم.