الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي البداية نسأل الله تعالى أن يتقبل طاعتك، وأن يوفقك لما يحبه، ويرضاه إنه سميع مجيب.
وأما لمسك للمرأة التي ذكرتها، فلم يكن بقصد الشهوة -كما هو الظاهر- بل لأجل إنقاذها من الخطر الذي وقعت فيه.
وعليه؛ فإن وضوءك لم ينتقض على القول الراجح، وبالتالي، فإن طوافك صحيح، وعمرتك مجزئة، ولا شيء عليك.
جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وأما لمس النساء ففيه ثلاثة أقوال مشهورة:
قول أبي حنيفة: لا وضوء منه بحال.
وقول مالك وأهل المدينة -وهو المشهور عن أحمد-: أنه إن كان بشهوة نقض الوضوء، وإلا فلا.
وقول الشافعي: يتوضأ منه بكل حال.
ولا ريب أن قول أبي حنيفة، وقول مالك هما القولان المشهوران في السلف.
وأما إيجاب الوضوء من لمس النساء بغير شهوة، فقول شاذ، ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة ولا في أثر عن أحد من سلف الأمة، ولا هو موافق لأصل الشريعة؛ فإن اللمس العاري عن شهوة لا يؤثر لا في الإحرام ولا في الاعتكاف، كما يؤثر فيهما اللمس مع الشهوة. اهـ.
مع التنبيه على أن لمس المرأة الأجنبية للحاجة إليه جائز شرعًا؛ لأن الحاجة تدعو إليه.
قال العراقي في طرح التثريب: فتحريم المس آكد من تحريم النظر، ومحل التحريم ما إذا لم تدع لذلك ضرورة، فإن كان ضرورة -كتطبيب، وفصد، وحجامة، وقلع ضرس، وكحل عين، ونحوها مما لا يوجد امرأة تفعله- جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة. اهـ.
وقال ابن القيّم في إعلام الموقعين: وما حرم سدًا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة. اهـ.
بل قد يكون واجبًا إذا كان وسيلة لإنقاذها من هلكة أو ضرر محقق، تفاديًا لأعظم المفسدتين بارتكاب أخفهما.
والله أعلم.