الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال ما ذكرتِ، فلم يحصل منك شيء من القطيعة لرحمكِ. ولكن نوصيك بالصبر، وكثرة الدعاء بأن يصلح الحال بينكم وبين أخيكم من جهة، ويصلح الحال بينكم وبين زوجة أخيكم من جهة أخرى.
وقد ندب الشرع إلى أن تكون العلاقة بين المسلمين على أحسن حال من الألفة والمودة، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات: 10}.
وروى البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وإذا كان هذا مطلوبا في حق عامة المسلمين، فإنه يتأكد في حق من بينهم رحم تجب صلتها وتحرم قطيعتها، أو من بينهم مصاهرة، والتي هي نعمة امتن الله بها في كتابه، كما في قوله سبحانه: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا {الفرقان: 54}.
وننبه هنا على رحم الوالدين خاصة، ولا سيما الأم، فإنها يجب برها وتحرم قطيعتها، بل جعل الله لها ثلاثة أرباع البر، وقطيعة الأم موجبة للعقوق، وهو من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب.
والصلح خير، كما أخبر الله في كتابه، وجاءت النصوص دالة على فضل الإصلاح بين الناس، وقد ذكرنا جملة منها في الفتوى: 117937.
فينبغي السعي في ذلك، والاستعانة بفضلاء الناس وأهل الخير، فعسى الله أن يجري الخير على أيديهم.
والله أعلم.