الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تضمن السؤال أموراً هي:
1- أن المرأة المسلمة في أمريكا إذا كانت من أسرة غير مسلمة فإنها تختار لنفسها ولياً تستشيره في أمورها.
2- أن هذا الولي سيكون هو وليها في النكاح.
3- أنه يمكن أن يزوجها من نفسه إن أحب.
4- أنه يمكن أن يتزوج كل من في ولايته من النساء.
- فبالنسبة للنقطة الأولى لا نجد مانعاً من أن تعتمد المرأة على من تثق في إسلامه وفي رجاحة عقله، فتستشيره في أمورها الخاصة والعامة، وإذا لم تكن بينه وبينها محرمية، فيشترط لإباحة ذلك أن لا تحصل بينه وبينها خلوة، لما روى الشيخان من حديث ابن عباس مرفوعاً: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم.
وأن لا يمس منها أو يرى ما لا تحل له رؤيته، وأن لا تؤدي هذه الاستشارات إلى أي شيء محرم، والأولى للمرأة المسلمة تجنب كل ما يمكن أن تحصل منه ريبة.
- وحول النقطة الثانية نقول: إن الذي يصح أن يتولى عقد نكاح المرأة المسلمة هو وليها الشرعي إن كان مسلماً، فإن لم يوجد أو كان كافراً فالسلطان المسلم أو نائبه، فإن لم يوجد فرجل من عامة المسلمين، قال ابن قدامة في المغني: فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان فعن أحمد بن حنبل ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. وعليه فلا مانع من أن يزوج هذا الرجل من أرادت ولايته إذا لم يكن لها ولي شرعي، ولم يوجد سلطان مسلم.
- وفي النقطة الثالثة وهي ما إذا كان للولي أن يعقد لنفسه فالصواب أن ذلك يصح؛ لما روى البخاري من تزوج عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه من أم حكيم بنت القارظ لما جعلت أمرها إليه، وبهذا قال المالكية والأحناف وعدد كبير من أهل العلم، قال الخرشي: يجوز لابن العم والمعتق الأعلى والأسفل على ما فيه والحاكم ومن يزوج بولاية الإسلام أن يتولى طرفي عقد النكاح، إن عين لها أن يزوجها من نفسه.....
وقال صاحب الهداية: وإن أذنت المرأة للرجل أن يزوجها من نفسه فعقد بحضرة شاهدين جاز... والأحوط في هذه الحالة أن يأمر غيره بعقدها له مراعاة لمن يقول بعدم صحة عقده لنفسه، قال ابن قدامة في المغني: ومن أراد أن يتزوج امرأة هو وليها جعل أمرها إلى رجل يزوجها منه بإذنها.
- وفيما إذا كان يمكنه أن يتزوج كل من أرادته وليا من هذه النسوة فنقول: إن ذلك يصح بشرط أن تكون المرأة راضية به زوجاً وأن لا يزيد العدد على أربع نسوة، وأن يعدل بينهن، قال الله تعالى: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ [النساء:3]، وبشرط أن لا يوجد بعض موانع النكاح الأخرى.
والله أعلم.