الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أنه اتضح لك أن صديقك قد حسدك، ولم تبين كيف حدث ذلك، وعمومًا الأصل في المسلم السلامة مما يشين، ولا يجوز اتهامه بشيء من ذلك إلا عن بينة واضحة، مثل إقراره بذلك، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات: 12].
وإذا ثبت عنه ذلك، فلا شك في أنه يعتبر ظالماً لك في سعيه لتعطيل معاملتك؛ ففعله هذا فيه تعدٍ على حقك، وإلحاق ضرر بك، وهذا هو عين الظلم. والدعاء على الظالم جائز، ولكن العفو أفضل وأجره أعظم، كما بينا في الفتويين: 54408، 27841.
والدعاء على الظالم يكون على قدر مظلمته كما ذكر أهل العلم؛ لأنه نوع من القصاص، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 227740، لكن الدعاء عليه بالمرض فيه نوع من الاعتداء؛ فيما يظهر.
وإن رأيت المصلحة في مواجهته في هذا الأمر إن ثبت صدوره منه، فافعل لتبين له مدى الضرر الذي لحق بك بسبب فعله، وذكره بعواقب الحسد والظلم في الدنيا والآخرة، وليكن ذلك بالحسنى، وكن على حذر في المستقبل من إظهار ما أنعم لله عليك من نعمة؛ فذلك من دواعي الحسد، وفي الكتمان وقاية منه.
روى الطبراني وغيره عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان؛ فإن كل ذي نعمة محسود.
والله أعلم.