الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الرجل المذكور قد احتاج إلى إنفاق المال العام حاجة شديدة كالحاجة التي تبيح أكل الميتة فيحل له حينئذ تناوله، بل يجب عليه إن توقف على ذلك بقاء حياته أو حياة من يعوله، فقد ذكر بعض أهل العلم أن مال الغير يقدم على الميتة في حال الاحتياج إذا أمن الشخص المحتاج من أن تقطع يده.
قال الشيخ الخرشي في شرحه لمختصر خليل: يعني أن المضطر إذا وجد الميتة وطعام الغير من تمر أو زرع أو غنم مما ليس مضطرا إليه ربه، فإنه يقدم طعام الغير على أكل الميتة، وهذا إن لم يخف أن تقطع يده بسبب ذلك. انتهى.
فإذا كان هذا هو حال الشخص المذكور في السؤال، فإنه مدين تصرف له الزكاة لأنه تداين في أمر مشروع. أما إذا لم تكن حاجته شديدة مثل ما ذكرنا فيكون قد أقدم على أمر محرم، وبالتالي فلا يجوز دفع الزكاة له إلا إذا حسنت توبته، وعجز عن تسديد ما أخذ.
وقال ابن قدامة في المغني: لكن من غرم في معصية مثل أن يشتري خمراً أو يصرفه في زنا أو قمار أو غناء أو نحوه لم يدفع إليه قبل التوبة شيء لأنه إعانة له على المعصية، وإن تاب قال القاضي يدفع إليه واختاره ابن عقيل لأن إبقاء الدين في ذمته ليس من المعصية. انتهى.
وتصدقك من المال المذكور لا حرج فيه تثابين عليه إن شاء الله ، ولا يلزمك إعلام زوجك بما تصدقت به ما دام ذلك في حدود المعروف الذي لا إفراط فيه، وذلك لعدة اعتبارات: منها أن لك حقاً في ذلك المال مقابل عملك. ومنها أن زوجك أعطاك إذناً ضمنياً في التصرف. ومنها أن للزوجة أن تتصدق من مال زوجها في حدود المعروف، ومما يدل على ما ذكرنا قوله صلى الله عليه وسلم: من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يريبها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً. متفق عليه.
والله أعلم.