الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبارك لك في أهلك ومالك وأن يصلح حالنا وحالك.
أما عن سؤالك فقد اشتمل على عدة مسائل:
المسألة الأولى: هي ما أنفقته على أولادك من أموال وهو قسمان:
الأول: ما هو واجب عليك من النفقة كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن ونحو ذلك، فهذا لا يجوز الرجوع فيه ولا المطالبة بمقابله.
والثاني: ما ليس بواجب كالتعليم عند بعض أهل العلم، وبعض أهل العلم يوجب على الأب أن يعلم ابنه، فهذا يجوز لك الرجوع فيه والمطالبة بمقابله إذا كان على سبيل القرض وليس على سبيل الهبة والعطية.
والمسألة الثانية: هي ما أنفقه أبناؤك عليك وعلى إخوتهم من أموال وهي أيضا قسمان:
الأول: ما هو واجب عليهم كالنفقة عليك وعلى أمهم عند الحاجة، فهذا لا يجوز لهم الرجوع فيه ولا المطالبة بمقابله.
والثاني: ما ليس بواجب عليهم البناء الزائد عن الحاجة وتعليم إخوانهم وشراء الأراضي والأعمال التجارية ونحو ذلك، فهذا يجوز لهم الرجوع فيه والمطالبة به إذا كان على سبيل القرض، أما إذا كان على سبيل التبرع والهبة والعطية فلا يجوز لهم الرجوع.
والمسألة الثالثة: ما يتعلق بالنظام الاجتماعي في هذه المسألة، والحاصل في كثير من البلدان وهو أن الولد الكبير يعمل ويضع كل ما يكسبه بيد أبيه لينفقه على نفسه وإخوانه الصغار، ثم إذا حصلت القسمة كان نصيب الكبير الذي تعب السنين الطوال كنصيب الرضيع الذي لم يعمل قط.
ولا يخفى ما في هذا من الحيف، والذي ينبغي في ذلك هو أنه إذا كبر الولد وصار معتمدا على نفسه فإنه ينفصل ويبني نفسه وحياته، وعليه أن ينفق على والديه وإخوانه إذا احتاجوا لذلك وأن يساعد إخوانه بالمعروف عند كل مناسبة تقتضي المساعدة، سواء كانت تكاليف زواج أو رسوم دراسة أو علاجا من مرض أو غير ذلك.
والمسألة الرابعة: هي ما يجوز للوالد أن يأخذه من مال ولده:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه أحمد وغيره. ومعناه: أن للأب أن يأخذ من مال ابنه عند الحاجة ولو بدون إذنه. قال ابن قدامة في المغني بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه لآخر بدون إذن منه وطيب نفس، نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعد.
وذلك أنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال الآخر أولى. انتهى.
والله أعلم.