الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في جعل المهر أو بعضه مؤجلاً، ولا مانع من كتابته في قائمة المنقولات، لا سيما إذا لم يُكتب في عقد الزواج الرسمي.
لكن إذا كان مؤجلاً إلى أجل محدد؛ فلا يجب على الزوج دفعه للزوجة قبل أجله المحدد، وأمّا إذا لم يُحدد أجلٌ معين؛ فالراجح عندنا أنّ أجله الموت أو الطلاق.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ويجوز أن يكون الصداق معجلاً، ومؤجلاً، وبعضه معجلًا وبعضه مؤجلاً؛ لأنه عوض في معاوضة، فجاز ذلك فيه كالثمن. ثم إن أطلق ذكره اقتضى الحلول، كما لو أطلق ذكر الثمن. وإن شرطه مؤجلًا إلى وقت، فهو إلى أجله. وإن أجله ولم يذكر أجله، فقال القاضي: المهر صحيح. ومحله الفرقة؛ فإن أحمد قال: إذا تزوج على العاجل والآجل، لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة، وهذا قول النخعي والشعبي.
وقال الحسن، وحماد بن أبي سليمان، وأبو حنيفة، والثوري، وأبو عبيد: يبطل الأجل، ويكون حالا، وقال إياس بن معاوية وقتادة: لا يحل حتى يطلق، أو يخرج من مصرها، أو يتزوج عليها. وعن مكحول، والأوزاعي، والعنبري: يحل إلى سنة بعد دخوله بها، واختار أبو الخطاب أن المهر فاسد، ولها مهر المثل. وهو قول الشافعي؛ لأنه عوض مجهول المحل، ففسد كالثمن في البيع.
ووجه القول الأول، أن المطلق يحمل على العرف، والعادة في الصداق الآجل ترك المطالبة به إلى حين الفرقة، فحمل عليه، فيصير حينئذ معلومًا بذلك. فأما إن جعل للآجل مدة مجهولة، كقدوم زيد ومجيء المطر، ونحوه، لم يصح؛ لأنه مجهول، وإنما صح المطلق؛ لأن أجله الفرقة بحكم العادة، وها هنا صرفه عن العادة بذكر الأجل، ولم يبينه، فبقي مجهولاً، فيحتمل أن تبطل التسمية، ويحتمل أن يبطل التأجيل ويحل. انتهى.
ولا مانع عند التراضي أن يدفع الزوج المؤجل للزوجة قبل حلول الأجل دفعة واحدة، أو على أقساط متفرقة، وينبغي في هذه الحال أن يتمّ إثبات ذلك في قائمة المنقولات، أو في وثيقة أخرى، حتى لا يُطالَب الزوج بما دفعه بناءً على المكتوب في قائمة المنقولات.
والله أعلم.