الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن السرقة من أقبح الجرائم التي حرمها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والإسلام احتراما لكرامة الإنسان احترم المال الذي هو عصب الحياة واحترم ملكية الأفراد، فحرم السرقة والغصب والاختلاس والخيانة والربا والرشوة.. واعتبر كل ما أخذ بغير حق شرعي أكلا لأموال الناس بالباطل، والإسلام شدد في السرقة فقضى بقطع يد السارق التي من شأنها أن تباشر هذه الجريمة، لأن اليد الخائنة بمنزلة العضو المريض، فيجب بتره ليسلم بقية الجسم، والتضحية بالبعض من أجل الكل أمر مُسلَّم به شرعا وطبعا.
وهي كذلك عبرة وردع لضعاف النفوس ومرضى القلوب، حتى لا تسول لهم أنفسهم السطو على أموال الناس. وبهذا تحفظ الأموال وتصان الكرامة. قال الله تبارك وتعالى: [وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] (المائدة: 38). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده. متفق عليه.
فيجب عليك أن تتوب إلى الله من هذا العمل وأن ترد ما أخذته لصاحبه بأي وسيلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح، وإن كنت تخشى الفضيحة فعليك أن تحتال بطريقة ما لإيصال المال إلى من يملكه، كأن ترسله بحوالة باسمه، وتذكر بأنك في فترة ماضية أخذت هذا المال دون أن تذكر له اسمك، أو نحو ذلك من الحيل التي تتوصل بها إلى رد الحق لأهله، والذكي لا يعدم حيلة، وإذا كنت لا تعرف مكان صاحب الحق فيجب عليك السؤال حتى تعرفه وتؤدي إليه حقه ولا تتم توبتك إلا بذلك، هذا، والذي نظنه هو أن علمه بأنك أنت الذي أخذت المال وقد تبت ورددته تائبا قد يخفف عنك شدة الطلب ويجعل أمرك أيسر.
أما عن حكم المحكمة المصرية عليك بالسجن سبع سنين فإنه مخالف لحكم الله تعالى، لأن حكم الله تعالى في ذلك هو قطع اليد إذا ثبت ذلك للقاضي بالبينة، لكن إن كان ذلك مع الحكم بقطع اليد فقد نجد لهم مخرجا بكون ذلك من التعزير.
مع التنبيه إلى أنه لا يصح الحكم عليك غيابيا حتى يتم التعرف على أقوالك والتعرف على إجابتك عن هذا العمل. ومع التنبيه أيضا إلى أنه لا يلزمك أن تسلم نفسك للمحكمة إذا تبت وأعدت الحق لأهله.
وأما عن دخول بلدك عن طريق التسلل فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وأما عن طريق تغيير الاسم فإذا كنت ستغير اسمك حقيقة فلا حرج، أما إذا كان كذبا فلا يجوز، إلا أن يكون اسما محتملا كعبد الله وعبد الرحمن ونحو ذلك، أو تكون هنالك ضرورة ملجئة لذلك.
وأما عن مصارحتك للرجل الصالح الذي عرض عليك أخته بما حصل منك فإنه أمر غير مشروع، بل المشروع هو أن تستر على نفسك ولا تفضحها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا. رواه الحاكم والبيهقي، وصححه السيوطي وحسنه العراقي.
والله أعلم.