الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الدنيا دار بلاء، قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155]، وقال سبحانه: ألم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:1-2-3].
ولو كانت الدنيا تصفو لأحد لصفاها الله لنبيه، ولكنه -وهو خليل الرحمن- كانت حياته مليئة بالمشقة والشدة والبلاء، والذي يطالع سيرته صلى الله عليه وسلم يعلم تفاصيل ذلك، ولقد صبر نبينا صلى الله عليه وسلم على ما ابتلي به من الجوع والإخراج من بلده والفقر وغير ذلك رغبة فيما عند الله، لأنه يعلم أن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وأن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، وراجع الفتوى رقم: 13849 ففيها مزيد بيان.
وقد يكون سبب ما أنت فيه من فشل راجع إلى أسباب غير السبب الذي ذكرته، ولذا فالواجب عليك أن تراجع تفريطك في جنب الله سبحانه فلعل ذلك هو السبب الرئيسي في ذلك، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ [الشورى:30]، وقال صلى الله عليه وسلم: .... وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. وراجع لزاماً الفتوى رقم: 4188.
وعليك أن تجتهد في تحصيل أسباب سعة الرزق، ومن ذلك التوكل على الله والبكور في العمل وغير ذلك، وراجع الفتوى رقم: 29607، والفتوى رقم: 6121 ففيهما أسباب سعة الرزق.
وأما بالنسبة للعين والإصابة بها، فراجع الفتوى رقم: 39136 والفتاوى الملحقة بها، ففيها أسباب الوقاية من العين.
والحذر كل الحذر من اتباع خطوات الشيطان، والاستسلام لإحزانه لك، فلا تقعن في التشاؤم ولا يضعفن توكلك على الله، واعلم أن رضاك عن الله سبب لرضاه عنك، قال تعالى في صفة المؤمنين: رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [المائدة:119]، وإن من أهم ما يريح قلبك ويرضيك عن ربك إيمانك أن كل ما يكون في هذا الكون إنما هو بقضاء الله وقدره، وما عليك إلا الأخذ الجاد بالأسباب، ثم الله المرجو أن يأخذ بيدك ويقيل عثرتك.
والله أعلم.