الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الامتناع لمجرد الاحترام لهم، ومراعاة مشاعرهم في اعتقادهم الباطل، دون أن يترتب على ذلك جلب مصلحة أخرى، أو دفع مفسدة، فلا يجوز ذلك، وهو دليل على ضعف في الدين؛ إذ العقائد الباطلة لا قيمة لها في ميزان الشرع، وإظهار مخالفة من يعتقدها مطلب شرعي.
قال المغربي في البدر التمام معلّقًا على حديث: لا يزال الدِّينُ ظاهرًا ما عَجَّلَ الناس الفطر، إن اليهود والنصارى يؤخرون. فلما كان ذلك شعارًا للمخالفين في الملة، وقد كثر من النبي -صلى الله عليه وسلم- إظهار مخالفتهم فيما يتدينون به، فكان ذلك شعارًا لسنة النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وموافقة لما ألفه ومضى عليه. اهـ.
ولا يُعدّ ذلك كفرًا، إلا إذا كان الامتناع بنية تعظيم شعائرهم، أو اعتقاد صحة معتقدهم؛ لأنه يكون بذلك قد وافقهم في أصل عقيدتهم، أو عظّم ما عظّموه من دون الله تعالى.
وأمّا إذا كان الامتناع دفعًا للفتنة والضرر عن النفس، أو مراعاة للمعاملة بالمثل، فلا حرج في ذلك.
قال القرطبي في أحكام القرآن، معلقًا على حديث: لعن الله الرجل يسب أبويه. قيل: يا رسول الله؛ وكيف يسب أبويه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه؛ فمنع الله تعالى في كتابه أحدًا أن يفعل فعلاً جائزًا يؤدي إلى محظور. اهـ. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى: 23135.
والله أعلم.