الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم في ضابط العقوق أنه يحصل بإيذاء الوالدين بأي أذى ولو كان يسيرًا، وقد حرّم الشرع مجرد التأفيف وإظهار التضجر، كما قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [الإسراء: 23].
قال ابن كثير في تفسيره: أي ولا تُسْمِعْهما قولاً سيئاً، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ. انتهى.
ووضعك الشيء بعيدًا عن أمك بهذه الطريقة المستفزة، وبقصد أذيتها عقوق، فعليك أن تتوب إلى الله من ذلك، وأن تتقيه في التعامل مع أمك، وأن تحسن إليها بكل ما تستطيع، وتحذر من كل إساءة لها ولو صغرت، فهي طريقك إلى الجنة إن بررت بها، أو طريقك إلى النار إن عققتها.
روى ابن ماجه عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما حق الوالدين على ولدهما؟ قال: هما جنتك ونارك.
قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح: هما جنتك ونارك، أي: أسبابهما، والمعنى: أن حقهما رضاهما الموجب لدخول الجنة، وترك عقوقهما المقتضي لدخول النار. انتهى.
وكن على حذر من الغضب، فهو من أقوى أسلحة الشيطان لإغواء الإنسان، ولذلك حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم، وبيَّن كيفية علاجه، كما بيناه في الفتوى: 8038.
ونضيف هنا ما ذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم عن هذا الحديث الذي أشرنا إليه: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير. انتهى.
والله أعلم.