الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذه الفقرة جزء من الآية الواردة في غزوة أحد، وهي قول الله تعالى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:152].
وقد قال ابن كثير وابن الجوزي والشوكاني في تفسيرها ما ملخصه: قوله تعالى: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ) قال ابن عباس: وعدهم الله النصر (إِذْ تَحُسُّونَهُم) أي تقتلونهم (بِإِذْنِهِ) أي بتسليطه إياكم عليهم (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم) كما وقع للرماة (مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ) وهو الظفر منهم، (مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا) وهم الذين رغبوا في المغنم حين رأوا الهزيمة (وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ) وهم الذين بقوا على الجبل امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ) ثم أدالهم عليكم ليختبركم ويمتحنكم (وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ) أي غفر لكم ذلك الصنيع، وذلك- والله أعلم- لكثرة عدد العدو وعددهم، وقلة عدد المسلمين وعددهم. قال ابن جريج: قوله (وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ) قال: لم يستأصلكم، وكذا قال محمد بن إسحاق: رواهما ابن جرير. (وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) روي عن ابن عباس أن فضله عليهم هو عفوه عنهم، وروي عن مقاتل أنه حفظهم من أن يقتلوا جميعاً.
والله أعلم.