الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسنة هي عبارة عن مطلق الطريق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له أجر من عمل بها. الحديث رواه مسلم وغيره.
فيقال سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء والصالحين أي طريقتهم.
وحد السنة في الاصطلاح هو: ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتركه إلا لعذر. انظر ميزان الأصول للسمرقندي ص 34.
وأما المكروه فقد حده الفقهاء بأنه: ما يكون تركه أولى من تحصيله. أو: ما الأولى أن لا يفعل.
وبهذين التعريفين يتبين أن المكروه ليس هو المقابل للسنة، وإنما يقابل المكروه المندوب، ومن أهل الأصول من يجعل السنة والمندوب والمستحب والتطوع شيئاً واحداً. قال السيوطي في نظمه لجمع الجوامع:
والندب والسنة والتطوع * والمستحب بعضنا قد نوعوا
ومن أهل العلم من فرق بين هذه المصطلحات، قال الشيخ زكريا الأنصاري: والنفل والسنة والتطوع والمندوب والمستحب والمرغب فيه والحسن بمعنى. وقال القاضي وغيره: غير الفرض ثلاثة: سنة وهو ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم ومستحب وهو ما فعله أحياناً أو أمر به ولم يفعله، وتطوع، وهو ما لم يرد فيه نقل بخصوصه، بل ينشئه الإنسان باخيتاره من الأوراد.
فلعلك إذا تسأل عما إذا كان يتحتم وجود دليل من الكتاب أو السنة على كل أمر مندوب أو مكروه. والجواب عن هذا: أنه لا يتحتم، بل لا يصح لأن النصوص محصورة والحوادث غير متناهية، فلابد من إلحاق أحكام الأصول بالفروع التي وجدت فيها العلة التي هي سبب الحكم، وهذا هو عين القياس، فقد عرف القياس بأنه: تعدية حكم الأصل بعلته إلى فرع هو نظيره. وقيل: هو إبانة مثل حكم أحد المذكورين بمثل علته في الآخر، والقياس معتبر ومأخوذ به عند جماهير أهل العلم، ولم يخالف في الأخذ به إلا الظاهرية والمعتزلة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 167320.
ولك أن ترجع في هذا إلى كتب الأصول وهي كثيرة جداً، منها:
- البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين.
- الموافقات للإمام الشاطبي.
- المستصفي للإمام الغزالي.
- ميزان الأصول للسمرقندي.
والله أعلم.