الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما دفع زكاتك في سداد دين أمك؛ فهذا جائز لا إشكال فيه إذا كانت أمك عاجزة عن سداد الدين؛ لأن دينها ليس من النفقة الواجبة لا عليك ولا على زوجها، وانظري الفتوى: 479404، في دفع الزكاة للأم الغارمة.
وأمّا دفعها لأختك، فإن كنتِ تعنين أنك ستدفعينها في مصاريف الدراسة الجامعية، وليس في المأكل والمشرب، فالجواب أن دفع الزكاة في رسوم الجامعة حكمه حكم دفع الزكاة لطالب العلم، وهو مجزئ بشروط ذكرها أهل العلم، وتراجع لها الفتويين: 219448، 164855، ففيهما كلام أهل العلم مفصلاً في هذا الموضوع.
وأمّا إن كنتِ تعنين أنك ستدفعين لها الزكاة بوصف الفقر في مأكلها، وملبسها، ومشربها، فإن كانت نفقتها واجبة عليك شرعًا، لم يجز لك أن تدفعي لها زكاة مالك بوصف الفقر، بل يجب عليك أن تنفقي عليها.
والمفتى به عندنا وجوب النفقة لكل قريب وارث بفرض، أو تعصيب، بشروط.
قال ابن قدامة في المغني: ظاهر المذهب أن النفقة تجب على كل وارث لموروثه. اهـ.
وذكر قبل هذا الموضع أن ذلك بثلاثة شروط:
أحدها: أن يكون فقيرًا لا مال له، ولا كسب.
والثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليه فضلاً عن نفقة نفسه، إما من ماله، أو من كسبه.
والثالث: أن يكون المنفق وارثًا. اهـ.
فإذا توافرت فيك وفي أختك هذه الشروط، فإن نفقتها واجبة عليك، ولا يجوز لك حينئذ أن تدفعي لها زكاة مالك.
وأمّا إن كانت نفقتها ليست واجبة عليك، فلا حرج عليك في دفع زكاتك لها بوصف الفقر.
وللفقهاء أربعة أقوال فيمن أنفق على شخص تطوعًا، هل له أن يعطيه زكاة ماله؟ ذكرها الدسوقي المالكي في حاشيته على الشرح الكبير فقال: وإن تَطَوَّعَ بها مَلِيءٌ، ففيها أربعة أقوال:
قيل: يجوز له أخذها، وتجزئ ربها مطلقًا، وهو الذي في ح. [يعني الحطاب المالكي في مواهب الجليل]، وهو المعتمد.
وقيل: لا تجزئ مطلقًا، وهو لابن حبيب.
وقيل: لا تجزئ إن كان المنفق قريبًا، وتجزئ إن كان أجنبيًا، وهو ما نقله الباجي.
وقيل: إنها تجزئ مطلقًا مع الْحُرْمَةِ، وهو ما رواه ابن أبي زيد. اهـ.
والذي نراه؛ أنه يجوز للمتبرع بالنفقة أن يعطي زكاة ماله لمن ينفق عليه، وهو المعتمد عند المالكية، كما تقدم نقله.
والله أعلم.