الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمرأة الحائض إذا طهرت قبل مغيب الشمس وحبت عليها صلاة الظهر والعصر، هذا مذهب بعض الصحابة وعامة التابعين سوى الحسن البصري، وهذا الوجوب مقيد عند المالكية بإدراكها قبل الغروب ما يسع خمس ركعات، فإن بقي أقل من ذلك وجبت عليها صلاة العصر فقط عندهم
قال ابن قدامة في المغني:
وإذا طهرت الحائض وأسلم الكافر وبلغ الصبي قبل أن تغيب الشمس صلوا الظهر فالعصر، وإن بلغ الصبي وأسلم الكافر وطهرت الحائض قبل أن يطلع الفجر صلوا المغرب وعشاء الآخرة. وروي هذا القول في الحائض تطهر عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس وطاوس ومجاهد والنخعي والزهري وربيعة ومالك والليث والشافعي وإسحاق وأبي ثور. قال الإمام أحمد: عامة التابعين يقولون بهذا القول إلا الحسن وحده قال: لا تجب إلا الصلاة التي طهرت في وقتها وحدها، وهو قول الثوري وأصحاب الرأي لأن وقت الأولى خرج في حال عذرها فلم تجب كما لو لم يدرك من وقت الثانية شيئا. وحكي عن مالك أنه إذا أدرك قدر خمس ركعات من وقت الثانية وجبت الأولى لأن قدر الركعة الأولى من الخمس وقت للصلاة الأولى في حال العذر فوجبت بإدركه كما لو أدرك ذلك من وقتها المختار بخلاف ما لو أدرك دون ذلك. ولنا ما روى الأثرم وابن المنذر وغيرهما بإسنادهم عن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عباس أنهما قالا: في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة تصلي المغرب والعشاء فإذا طهرت قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا ولأن وقت الثانية وقت للأولى حال العذر، فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها كما يلزمه فرض الثانية. انتهى
وعليه فوجوب صلاة الظهر والعصر في الحائض التي طهرت قبل الغروب مذهب بعض الصحابة وعامة التابعين غير الحسن البصري
وكونها طهرت في وقت العصر ليس بمانع من وجوب الظهر عليها لأن وقت الظهر مستمر إلى غروب الشمس في حال العذر، وعند المالكية ولو مع عدم وجود العذر.
والله أعلم.