الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت هذه القبور قد بليت وصارت ترابا فيجوز الانتفاع بالمقبرة بالبناء والزراعة وسائر وجوه الانتفاع، ومنه بناء هذا الخزان، وراجع للتفصيل ومعرفة أقوال أهل العلم في ذلك الفتوى رقم: 19135 ، والفتوى رقم: 10802.
وإن كانت لم تبل، وبقي للموتى أثر من عظم أو غيره، فلا يجوز بناء هذا الخزان، مادام سيؤدي إلى غمر القبور بالمياه، لأن حرمة الأموات كحرمة الأحياء، فقد أخرج أبو داود وابن ماجه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسره حيا)، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: " يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته" وقال الإمام الطيبي " إشارة إلى أنه لا يهان ميتا كما لا يهان حيا"
وأخرج الحاكم والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لرجل رآه جالسا على قبر: "لا تؤذ صاحب القبر" ، قال الصنعاني في شرحه: " نهي عن أذية المقبور من المؤمنين ، وأذية المؤمن محرمة بنص القرآن: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} (الأحزاب:58)
وأخرج مسلم في صحيحه: عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر". وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته"
وعنه أيضا، قال: "لأن أطأ على جمرة أحب إلي من أن أطأ على قبر مسلم". رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن،
فإذا كان الوطء على القبور والجلوس عليها ممنوعا، وهو أذى عارض، فلأن يمنع الأذى الدائم الناجم من غمر القبور بصورة دائمة من باب أولى،
ومحل ما ذكرنا من عدم الجواز، ما لم تكن هناك ضرورة لبناء هذا الخزان، فإذا كانت هناك ضرورة، فلا حرج في بنائه على أن يتم نقل الموتى من المقابر ـ متى ما أمكن ذلك ـ دفعا للضرر والأذى عنهم.