حكم قبول الموظف الهبة إذا كانت تعويضا عن ضرر أصابه

16-9-2025 | إسلام ويب

السؤال:
تحصّلتُ على مقاولةٍ في مجال البناء في مدينتي، عن طريق صديقٍ لي في مدينةٍ تبعد قرابة 200 كم. كان صديقي هو المهندس المشرف على الشركة المنفِّذة، وقد طلبوا منه شخصًا موثوقًا للتنفيذ؛ لبُعدهم عن مكان العمل، فرشّحني لأعمل معهم.
لم يكن بيني وبين صديقي أيُّ اتفاقٍ مالي؛ إذ لم يأخذ مني شيئًا، ولم أُعطه شيئًا، وإنما نصحهم بي لأنه يعرف أمانتي. فنحن نتحرّى الحلال دائمًا، فلا اتفاقات، ولا عمولات، وإنما تنفيذٌ بما يرضي الله، وفقًا للمواصفات والأسعار المتفق عليها.
أكملتُ البناء والترميم على أكمل وجه، لكنني لم أستلم فلسًا واحدًا. كنت أضمن حقي بأن صديقي لن يوقّع لهم على الاستلام إلا بعد أن تصلني مستحقاتي كاملة (التي دفعتُها من جيبي لإنجاز العمل). لكن صديقي، وبضغط وقت تسليم المشروع، وقّع لهم، ثم اختفوا ولم أحصل على مالي رغم كثرة المحاولات والاتصالات، وأغلقوا جميع وسائل التواصل. عندها لُمتُ صديقي لأنه كان الضامن الوحيد.
وبعد فترة، عملتُ في شركة أخرى، وتقدّم صديقي لمناقصة وكان عرضه جيدًا، وأنا أعلم بأمانته، فنصحتُ به مديري. ولم يخطر في بالي أي اتفاق مالي، فوافق المدير على عرضه. وبعد أن رسا عليه العقد، أهداني مبلغًا قدره (4 ملايين دينار عراقي). فقلت له: لا أستطيع قبوله؛ لأنه قد يُعدّ هدية على نصحي بك لمديري. فقال: لا، أولًا: لم يكن بيننا أي اتفاقٍ على عمولة، وثانيًا: هذا المبلغ تعويضٌ عمّا لحق بك من خسارة بسببي. فأصرَّ على إعطائي، فقبلت المبلغ لحاجتي إليه، ولأنني كنت قد خسرت (11 مليونًا ونصفًا).
وبعد مدة، كنا جالسين فجاءه بريد إلكتروني، وإذا بالشركة نفسها التي ضيّعت عليّ مالي قدّمت عرضًا جديدًا، وكان صديقي هو المسؤول عن القبول النهائي. فطلبتُ منه أن يشترط عليهم إعادة نقودي قبل أن يوافق، ففعل، وأرجعوا المال بعد سنتين. عندها قلت له: الآن سأعيد لك (4 ملايين). لكنه رفض، وقال: هذا تعويض عن الضرر الذي أصابك، واعتبره بمثابة الربح الذي فاتك من تلك المقاولة.
فما الحكم في هذه المسألة؟ وما النصيحة؟ فأنا أشعر -أحيانًا- وكأن بيننا نوعًا من التواطؤ، حتى وإن لم يكن هناك اتفاق. مع أننا نحرص على الحلال في كل معاملاتنا.
بارك الله فيكم.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يظهر مانع من قبول هدية صديقك التي أهداها لك، مواساة لك فيما لحقك من ضرر بسبب توقيعه للشركة الأولى كما قال.

وكونك نصحت مديرك بإسناد العمل إليه لأمانته، لا تأثير له في ذلك، ولا يمنعك من قبول ذلك المبلغ، فهو إحسان منه إليك.

والهدية الممنوعة للموظف التي لا يحل له قبولها إلا بإذن -نصي أو عرفي- من صاحب العمل: هي ما كانت مقابل العمل الذي يتعين على الموظف القيام به، وكانت الهدية مظنة المحاباة للمهدي، والإخلال بواجبات العمل.

وراجع التفصيل في الفتاوى: 322462، 234547، 253930.

والله أعلم.

www.islamweb.net