الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل السائل الكريم بقوله: إن قتلته قتلناك يعني ما رواه مسلم وغيره من أن رجلا من الأنصار أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فتكلم جلدتموه أو قتل قتلتموه أو سكت سكت على غيظ فقال: اللهم افتح وجعل يدعو فنزلت آية اللعان... وفي رواية أحمد: فتكلم ليجلدن وإن قتله ليقتلن...
وقد ترجم البخاري في صحيحه قال: باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله.
والذي عليه أكثر العلماء هو أن من قتل رجلا وجده مع امرأته أنه يقتص منه مع أنه لا مؤاخذة عليه فيما بينه وبين الله إن كان المقتول قد أحصن ونال من المرأة ما يوجب الغسل. قال ابن حجر في "فتح الباري: فقال الجمهور، عليه القود، وقال أحمد وإسحاق:إن أقام بينة أنه وجده مع امرأته هدر دمه. وقال الشافعي: يسعه فيما بينه وبين الله قتل الرجل إن كان ثيبا وعلم أنه نال منها ما يوجب الغسل، ولكن لا يسقط عنه القود في ظاهر الحكم.
ولا تعارض بين هذا الحكم وبين ما رواه الترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد من حديث سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد.
فهذا الحديث إنما فيه أن من قتل في واحد من الحالات المذكورة فإنه يعتبر شهيدا وليس الحكم عليه بالشهادة ينفي عنه القود إذا لم يثبت الاعتداء عليه، وموضوع الشهادة يتعلق بالآخرة وموضوع القصاص من الأحكام الدنيوية فلا تعارض.
والله أعلم.