الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور: الأمر الأول: ما يتعلق بالربح الذي تأخذه مقابل استثمار مال المرأتين عند هذا الشخص: والذي فهمناه من السؤال أن هذا الربح كان مبلغا مقطوعا ثابتا تقريبا تأخذه من كل قطعة بيعت. فإذا كان الأمر كذلك فهو حرام، ويكون حنيئذ من الربا، أما إذا كان هذا الربح نسبة معينة من الأرباح تزيد وتنقص بحسب السوق فلا حرج في ذلك، ويكون هذا الشخص حينئذ مضاربا بمال المرأتين هذا إذا توفرت بقية شروط صحة المضاربة وراجع الفتوى رقم: 10670 ، واعتبار هذا الربح مقابل الوساطة التي قمت بها غير صحيح لأنه مقابل المال المستثمر إما مضاربة وإما قرضا كما تقدم، نعم يجوز لك أن تأخذ مبلغا مقطوعا مقابل ما قمت به من الوساطة سواء كان من أحد طرفي العقد أو من كليهما بشرط أن يكون العقد نفسه عقدا صحيحا، ولا يجوز أن تكون أجرة الوساطة نسبة من الأرباح، لما في ذلك من الجهالة والغرر، ولكن الوساطة شيء ومضاربة هذا الشخص بمال المرأتين أو اقتراضه لمالهما شيء آخر. ويجب أن تعلم أن رأس المال الذي دفعته لهذا الشخص هو حق للمرأتين ولا إشكال في ذلك. أما أرباحه فإذا كانت مبلغا مقطوعا -كما فهمنا من السؤال- فهي حرام، فما كان منها قد استهلك فلا شيء عليكم فيه لأنه كان عن جهل، والله تعالى يقول: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة: 275}، وما كان منها باقيا فهو لصاحبك.
وأما ما يتعلق بما عرضه عليك هذا الشخص من شرائك المواد الخام بمال المرأتين وإحضارها له مقابل ربح فلا حرج في ذلك، وتكون أنت حينئذ مضاربا بمال المرأتين وتتفق معهما على نسبة الأرباح التي لك، وإن شئت التطوع لهما بهذا العمل أو أن يكون بأجرة معلومة فإن ذلك جائز ، كل ذلك راجع للاتفاق بينكم.
والأمر الثاني: ما يتعلق بزيادة الثمن في السلعة مقابل الأجل: وقد تقدم الكلام عن ذلك في هاتين الفتويين: 1084 ، 49700 .
والأمر الثالث: ما يتعلق بالربح المسموح به شرعا على السلع: وقد تقدم الكلام عن ذلك مفصلا في الفتاوى التالية: 46702 ، 33215 ، 32973.
والله أعلم.