الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حق أبيك منعك من زيارة أمِّك؛ لأن ذلك أمر بقطيعة الرحم الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب. ومجرد وجود الأم في بيت زوجها الآخر لا يسوغ المنع من زيارتها، كما أن مجرد كراهيته لهذا الشخص وعدم حبه له لا يبيح له المنع، خاصة وأن زوج الأم من المحارم؛ لكونك من الربائب، والربيبة تحرم على زوج الأمِّ إن كان قد دخل بأمِّها، كما قال تعالى -عند ذكر المحرمات من النساء-: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء: 23].
هذا مع التنبيه إلى أن له الحق في المنع من زيارتها إن كانت هنالك ريبة؛ لأنه يجب عليه منعهن من أسباب الفساد، قال الله عزّ وجلّ: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ [النساء: 11]. أي: أولادكم -يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6].
ولكن حتى في هذه الحالة يمكن أن تكون الزيارة في غير حال وجوده في البيت -كالوقت الذي يخرج فيه للعمل مثلًا-.
ونوصي بنصح الأب، وتسليط بعض الفضلاء عليه، ومن يرجى أن يقبل نصحه، عسى أن ييسر الله لهم إقناعه، فإن اقتنع فالحمد لله، وإلا فيمكن البحث عن سبيل للقاء بالأم في مكان خارج البيت -كالأماكن العامة من المنتزهات وغيرها-. وإن لم يتيسر يمكن صلتها بغير الزيارة من وسائل الصلة -كالاتصال الهاتفي مثلًا-.
والله أعلم.