الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الانفصال بطلاق، وانقضت العدة، فلا حرج عليك في الزواج من رجل آخر؛ لزوال العصمة بينك وبين زوجك السابق، ولكن لا ننصحك بالتعجل على الموافقة على الزواج من هذا الرجل قبل التأكد من دينه وخلقه، فصاحب الدين والخلق أرجى لأن يحسن عشرة زوجته، وأن تدوم معه الحياة الزوجية، ولذلك جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.
وبعد الاستشارة ينبغي الاستخارة، وتفويض أمرك إلى الله، ليختار لك الأصلح، وراجعي في الاستخارة الفتويين: 19333، 123457.
وإذا تم الزواج، فمن حقك أن لا يغيب عنك أكثر من ستة أشهر بغير إذنك، وإذا ارتضيت أن يأتيك في العام مرة واحدة، فالأمر إليك.
وأما إن كان مجرد انفصال من غير طلاق، فهذا الانفصال لا تزول به العصمة ولو طال أعوامًا وأعوامًا، ويحرم على المتزوجة الزواج من رجل آخر، فإن تزوجت -والحالة هذه- كان هذا الزواج باطلًا، فالزوجية تعتبر من الموانع، قال تعالى عند ذكر المحرمات من النساء: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء: 24].
قال البغوي في تفسيره: قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ـ يعني: ذوات الأزواج، لا يحل للغير نكاحهن قبل مفارقة الأزواج. اهـ.
وقال ابن قدامة: فأما الأنكحة الباطلة، كنكاح المرأة المُزَوَّجةِ أو المعتدة، أو شبهه، فإذا علما الحل والتحريم، فهما زانيان، وعليهما الحد، ولا يلحق النسب فيه. اهـ.
لكن من حقك في هذه الحالة رفع أمرك إلى المحكمة الشرعية، لتزيل عنك الضرر بإجبار الزوج على تطليقك، أو بحكمها بطلاقك عليه حتى لا تبقي معلقة، لا متزوجة ولا غير متزوجة.
والله أعلم.