الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصحيح أن كلاً من التجارة والقمار فيه مخاطرة، ولكن شتان ما بين المخاطرتين، فمخاطرة التجارة عارضة غير مقصودة، وليس فيها ظلم لا للبائع ولا للمشتري، فكلاهما مستفيد، وقد يربحان معًا بالقدر نفسه، وقد يكون ربح أحدهما أعلى من الآخر، ولكن لا يخلو الآخر من فائدة، ولا تكون خسارته تامة، فليس فيها أكل للمال بالباطل.
بخلاف القمار، فالمخاطرة فيه أصلية مقصودة، والخسارة فيه متحققة لأحد الطرفين ولا بد، فأحدهما خاسر لكل ما دفع، والآخر ظالم، آكل للمال بالباطل.
قال ابن القيم في «زاد المعاد»: والمخاطرة مخاطرتان:
مخاطرة التجارة، وهو أن يشتري السلعة بقصد أن يبيعها بربح، ويتوكل على الله في ذلك.
والخطر الثاني: الميسر الذي يتضمن أكل المال بالباطل، فهذا الذي حرمه الله ورسوله ... هذا النوع يكون أحدهما قد قمر الآخر وظلمه، ويتظلم أحدهما من الآخر، بخلاف التاجر الذي قد اشترى السلعة ثم بعد هذا نقص سعرها، فهذا من الله سبحانه، ليس لأحد فيه حيلة، ولا يتظلم مثل هذا من البائع. اهـ.
وبخصوص شراء الخدمات المذكورة، بغية اختبارها للعثور على ثغرة، وبيعها لصاحب الموقع، فليس في ذلك قمار! ولو كان السائل لا يهتم بمنفعة تلك الخدمات؛ لأنه دفع المال في مقابل شراء خدمة نافعة، سواء أكان يحتاجها أو لا يحتاجها.
وكذلك الحال في دفع المال في الإعلانات الممولة، وإن كان لا يعلم هل ستأتي الإعلانات بمبيعات أم لا؟ لأنه دفع المال نظير منفعة مباحة، وهي الترويج للمنتجات.
والله أعلم.