الفروق بين التجارة والقمار

4-11-2025 | إسلام ويب

السؤال:
أنا أعمل في مجال أمن مواقع الإنترنت، وتحديدًا في مجال الـ "bug bounty"، وهي أن يطرح صاحب الموقع موقعه لنا لنقوم باختباره، وهو سيقوم بالدفع مقابل كل ثغرة نجدها. اختبرت أحد المواقع مؤخرًا ووجدت ثغرة، فبلّغت عنها، وقبضت ثمنها بفضل الله. لكن هناك في هذا الموقع قسم مدفوع، أقصد أنك تشتري الاشتراك لمدة زمنية وتستفيد من خدمات الموقع المدفوعة.
سؤالي هنا: أردت أن أشتري هذه الخدمات (التي ستصبح متاحة لي لاستخدامها لمدة زمنية معينة)، لكن غرضي هو ليس استخدام هذه الخدمات وإنما اختبارها أملًا في إيجاد ثغرة أبيعها لصاحب الموقع. لكن خطر في بالي أن هذا قد يُعد قمارًا؛ لأن نيتي ليست الاستفادة من خدمات الموقع التي أصبحت متاحة لي بعد الاشتراك، وإنما اختبارها بغية إيجاد ثغرات أمنية قد لا تكون موجودة. بحثت في الإنترنت عن فتوى، لكن كل ما وجدته زاد الطين بلة، واختلط الحابل بالنابل في رأسي، وصرت أشبّه التجارة بالقمار، كون كليهما يشتمل على مخاطرة.
أرجو مساعدتي في سؤالي الأصلي: هل في شرائي لتلك الخدمات بغية اختبارها والحصول على المال قمار، مع أن الخدمة أصبحت متاحة لي في أي وقت، وهي في الواقع خدمة ذات منفعة، ولكن لا أهتم بتلك المنفعة بقدر اهتمامي بإيجاد الثغرات الأمنية فيها؟ وأيضًا أرجو توضيح الفرق بين التجارة والقمار، وهل استخدام الإعلانات الممولة على فيسبوك لترويج منتجي فيه شيء من القمار أيضًا، كوني لا أعلم هل سأحصل على مبيعات من خلالها أم لا؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصحيح أن كلاً من التجارة والقمار فيه مخاطرة، ولكن شتان ما بين المخاطرتين، فمخاطرة التجارة عارضة غير مقصودة، وليس فيها ظلم لا للبائع ولا للمشتري، فكلاهما مستفيد، وقد يربحان معًا بالقدر نفسه، وقد يكون ربح أحدهما أعلى من الآخر، ولكن لا يخلو الآخر من فائدة، ولا تكون خسارته تامة، فليس فيها أكل للمال بالباطل.

بخلاف القمار، فالمخاطرة فيه أصلية مقصودة، والخسارة فيه متحققة لأحد الطرفين ولا بد، فأحدهما خاسر لكل ما دفع، والآخر ظالم، آكل للمال بالباطل.

قال ابن القيم في «زاد المعاد»: والمخاطرة ‌مخاطرتان:
مخاطرة التجارة، وهو أن يشتري السلعة بقصد أن يبيعها بربح، ويتوكل على الله في ذلك.
والخطر الثاني: الميسر الذي يتضمن أكل المال بالباطل، فهذا الذي حرمه الله ورسوله ... هذا النوع يكون أحدهما قد قمر الآخر وظلمه، ويتظلم أحدهما من الآخر، بخلاف التاجر الذي قد اشترى السلعة ثم بعد هذا نقص سعرها، فهذا من الله سبحانه، ليس لأحد فيه حيلة، ولا يتظلم مثل هذا من البائع
. اهـ. 

وبخصوص شراء الخدمات المذكورة، بغية اختبارها للعثور على ثغرة، وبيعها لصاحب الموقع، فليس في ذلك قمار! ولو كان السائل لا يهتم بمنفعة تلك الخدمات؛ لأنه دفع المال في مقابل شراء خدمة نافعة، سواء أكان يحتاجها أو لا يحتاجها.

وكذلك الحال في دفع المال في الإعلانات الممولة، وإن كان لا يعلم هل ستأتي الإعلانات بمبيعات أم لا؟ لأنه دفع المال نظير منفعة مباحة، وهي الترويج للمنتجات.

والله أعلم.

www.islamweb.net