الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاكم الله خيراً على ما قمتم به من عمل مبارك، ونسأل الله أن يكتب لكم الأجر والمثوبة عليه، ونذكركم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. رواه مسلم.
أما عن السؤال فاعلم أنك وكيل عن أصحاب المال في صرفه، فلا يجوز لك صرفه في غير ما طلبوا إلا بإذنهم، وبما أن الشخص الذي أمروك بالصرف إليه قد رفض قبول الصدقة فالواجب عليك الآن أن تخبر المتبرعين بما جرى، فمن أراد أن تتصدق بنصيبه صدقة جارية (وقف) فعلت ذلك، ومن أراد الصدقة بذلك على شيء معين فعلت ذلك، ومن أراد أن ترجع له ماله فأرجعه له لأن التبرع لا يتم إلا بالقبض، لما رواه مالك في الموطأ: أن أبا بكر رضي الله عنه كان قد نحل عائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت قد نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب. وفي الموطأ أيضاً عن عمر رضي الله عنه مثله.
قال النووي -رحمه الله- في روضة الطالبين: وأما شرط لزوم الهبة فهو القبض، فلا يحصل الملك في الموهوب أو الهدية إلا بقبضهما هذا هو المشهور.
وفي المقنع في كتاب الهبة قوله: وتلزم بالقبض، وهذا إحدى الروايتين، وهي المذهب مطلقاً.
وفي مواهب الجليل: المعروف من الأدلة أن الهبة يشترط في ملكها الحوز.
وإذا لم تتمكن -بعد بذل الجهد- من معرفة المتبرعين أو بعضهم فلتتصدق بمالهم في وجوه الخير ومصالح المسلمين، والأفضل أن تكون الصدقة جارية. ونريد التنبيه إلى أنه إذا كان ضمن هذه الأموال شيء من أموال الزكاة فلا يجوز صرفها في غير مصارفها المذكورة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}.
والله أعلم.