الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اتفق الفقهاء على أن الإشهاد على النكاح شرط في صحته، لكن اختلفوا في محل الوجوب، فذهب أكثرهم إلى أن محله عند العقد. قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: إن النكاح لا ينعقد إلا بشاهدين، هذا المشهور عن أحمد، وروي ذلك عن عمر وعلي، وهو قول ابن عباس وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد والنخعي وقتادة والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. اهـ.
وقال صاحب المنهاج الشافعي: ولا يصح إلا بحضرة شاهدين. قال شارحه الشربيني: تنبيه: إنما عبر بالحضور ليفهم عدم الفرق بين حضورهما قصدا أو اتفاقا، أو حضرا وسمعا العقد صح وإن لم يسمعا الصداق.
وقال السرخسي الحنفي في المبسوط: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا نكاح إلا بشهود. وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله تعالى.اهـ.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن حضور الشهود عند عقد النكاح إنما هو مستحب فقط وليس بواجب إلا عند الدخول، وبهذا قال المالكية، قال الدسوقي على الشرح الكبير: الإشهاد على النكاح واجب، وكونه عند العقد مندوب زائد على الواجب، فإن حصل الإشهاد عند العقد فقد حصل الواجب والمندوب، وإن لم يحصل عند العقد كان واجبا عند البناء. اهـ.
ومما تقدم تبين للسائل أن أكثر أهل العلم على اشتراط الإشهاد عند العقد لصحته، وذهب غيرهم إلى استحباب ذلك فقط عند العقد، لكنهم أوجبوه عند الدخول إذا لم يتم عند العقد.
وعليه، فإذا لم يكن من بين الأسرة التي حضرت العقد شاهدا عدل غير من له ولاية النكاح فإن العقد يعتبر لاغيا على مذهب الجمهور.
والله أعلم.