الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل المطلوب بين الأولاد في الهبة وغيرها من أنواع التمليك، يدخل فيه أيضًا ما ليس تمليكًا للعين أو الرقبة، كالوقف، والقرض، والعارية، وإباحة المنافع، فلا ينبغي للوالد تفضيل أحد أبنائه بشيء من ذلك دون مسوغ، كما سبق بيانه في الفتوى: 370000.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في الفتاوى الكبرى-: الحديث والآثار تدل على وجوب التعديل بينهم في غير التمليك أيضًا، وهو في ماله ومنفعته التي ملكهم، والذي أباحهم كالمسكن والطعام. ثم هنا نوعان:
ـ نوع يحتاجون إليه من النفقة في الصحة والمرض ونحو ذلك، فتعديله فيه أن يعطي كل واحد ما يحتاج إليه. ولا فرق بين محتاج قليل أو كثير.
ـ ونوع تشترك حاجتهم إليه من عطية أو نفقة أو تزويج، فهذا لا ريب في تحريم التفاضل فيه.
وينشأ من بينهما نوع ثالث، وهو: أن ينفرد أحدهما بحاجة غير معتادة، مثل أن يقضي عن أحدهما دينًا وجب عليه من أرش جناية، أو يعطي عنه المهر، أو يعطيه نفقة الزوجة، ونحو ذلك، ففي وجوب إعطاء الآخر مثل ذلك نظر. اهـ.
وعلى ذلك؛ فإن لم يكن هناك مسوغ شرعي لتخصيص أحد الأبناء بالقرض، كان تخصيصه منافيًا للعدل المطلوب.
ويتأكد ذلك إن كان سداد القرض مؤجلاً إلى أجل غير معلوم، ومتعلق بوجود شيء غير مضمون، كحصته من ميراث أبيه، والواقع أن أحدًا لا يدري من يموت قبل من، ومن يرث من، وهل يبقى مال يورث بعد المورث؟
ولا نرى بعد ذلك لبقية أجزاء السؤال كبير فائدة. ولكن نقول باختصار وإجمال: إن زكاة الدين تجب على الدائن، على الراجح من أقوال العلماء. والدين على الابن كغيره من الديون، يؤجل إلى أجل معلوم، ويوثق بكتابته والإشهاد عليه من رجلين، أو رجل وامرأتين.
والله أعلم.