الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقول الزوج لزوجته: والله إن سمعت صوتك ستكون آخر ليلة في هذا البيت وفي نيته أن يحدث طلاق بينه وبينها، يحتمل احتمالين:
الأول: أنها ستكون طالقاً بمجرد سماع صوتها، والثاني أنه سوف يطلقها إذا سمع صوتها، والاحتمالان يرجعان إلى نيته هو، فإن كان ينوي أنها طالق بمجرد سماعه صوتها، فهذا طلاق معلق، ولا فرق بين أن يحلف عليه أو لا يحلف، والطلاق المعلق يقع عند جمهور أهل العلم، وراجع فيه فتوانا رقم: 3795.
وإن كنت إنما نويت أنك ستطلقها إذا سمعت صوتها وحلفت على ذلك، فهذا يعتبر وعداً بالطلاق، وليس طلاقاً، فإذا حصل المعلق عليه فلا يلزم الطلاق، إلا أن يريد الزوج إنشاءه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 24787.
وهذا كله فيما إذا كانت هي تكلمت كلاماً معتبراً، وأما السعال فليس من ذلك، لأن الحامل على الحلف هو ما حصل منها من عناد وشجار، فلا يقع الطلاق إلا إذا كانت عادت إلى شيء مما حملك على الحلف، وهذا هو ما يسميه الفقهاء بساط اليمين.
والحاصل أن الطلاق لا يلزم في الحالة التي ذكرت، وأنها لو كانت تكلمت وسمعت صوتها، فإن الطلاق يقع إن كنت نويت وقوعه بمجرد كلامها، لا إن كنت نويت أنك ستفعله.
ونوصيك -أيها الأخ الكريم- بالابتعاد عن هذه الدرجة من الغضب، فإنه لا خير فيه، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً استوصاه، فقال له: لا تغضب. فردد مرراً. قال: لا تغضب. أخرجه البخاري وغيره عن أبي هريرة.
واعلم أن عقود النكاح إنما يراد منها المودة والرحمة والألفة، لا أن تكون مجالاً واسعاً للمشاجرات والمخاصمات، ثم إن عليك أن تعلم أن مسائل الطلاق من المسائل التي تنبغي إحالتها إلى المحاكم الشرعية إن كانت توجد عندكم محاكم شرعية.
والله أعلم.