الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال والهدايا التي تُهدى عند ولادة الطفل، يُرجع في حكمها إلى قصد المُهدي تصريحًا أو عرفًا؛ فما قُصِد به الأب فهو له، وما قُصدت به الأمّ فهو لها، وما قُصد به الطفل فهو له، يقبضه له أبوه، ويبقى ملكًا للطفل، ومن حقّ الأب حينها أن ينفق منه على الطفل؛ لأنّ الولد إذا كان له مال يكفي لنفقته لم تجب نفقته على أبيه.
ولا يحقّ للوالد أن يأخذ منه لنفسه مع عدم حاجته، عند الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ للوالد أن يأخذ من مال ولده ولو لم يكن محتاجًا، بشرط ألا يجحف بمال ولده، وألا يأخذه ليعطيه لولد آخر، كما سبق بيانه في الفتويين: 511885، 120985.
وعلى ذلك؛ فلو كان العرف -كما هو شائع في كثير من البلاد- أن هذه الهدايا يَرُدُّ الوالد مثلها لمن أهداها، فهي للوالد، وله أن يتصرف فيها كما يتصرف في بقية أمواله.
وأما لو كانت للولد خاصة، فلا يصح أن يأخذها الوالد ليعطيها لأخته، ولكن له أن ينفق منها على الطفل نفسه. وانظري للفائدة الفتويين: 428062، 134416.
وأما مسألة تزويج الولد عندما يكبر في شقة يملكها الوالد، فإن كان قصده أنه سيفعل ذلك في المستقبل عندما يكبر الولد، فهذا لا اعتبار له، ولا يسوغ للوالد أن يأخذ مال الولد ليعطيه لأخته، والأعمار بيد الله، فلا ندري هل يبقى الولد أو الوالد أم لا؟ وهل تتغير الظروف والأحوال أم لا؟
ثم إن تزوج الولد في شقة يملكها أبوه، لا تعني الهبة، فقد يكون ذلك على سبيل العارية، أو التمكين من الانتفاع دون تمليك الرقبة.
وهنا ننبه على أن الهبة، أو العطية التي هي تمليك ناجز، يُطلب فيها شرعًا من الوالد العدل بين أولاده ذكورًا كانوا أو إناثًا، ولا يشرع تخصيص بعضهم دون بعض بالعطية دون مسوغ شرعي، وانظري الفتوى: 111127.
والله أعلم.