الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة بين مالك الذهب وصاحب المصنع، يصح أن تكون مضاربة، وهو أن يدفع شخص لآخر مبلغاً ليتاجر به، وله نسبة من الربح، على أن تكون هذه النسبة مشاعة -كالربع، أو النصف، أو الثلث-.
ومن شروطه التي يجب أخذها في الاعتبار: عدم ضمان رأس المال، فإذا حصلت خسارة تحمَّلَ رب المال ما خسر من ماله، وتحمل العامل ما خسر من جهده، فقد قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: متى شرط على المضارب ضمان المال، أو سهمًا من الوضيعة، فالشرط باطل، لا نعلم فيه خلافًا. اهـ.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن سندات المقارضة: لا تجوز أن تشمل صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال، أو ضمان ربح مقطوع، أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة، أو ضمنًا، بطل شرط الضمان، واستحق المضارب ربح مضاربة المثل. اهـ.
ولا يصح في المضاربة أن يكون رأس المال ذهبًا غير مضروب، سواء كان سبائك، أو حليًا، ولكن يمكن تقويم الذهب بالنقد، وتكون قيمته هي رأس المال، وإن كان صاحب المصنع سيخلط مال المضارب بماله، فيجب معرفة قدر رأس مال صاحب المصنع أولاً قبل أن يتم الخلط، حتى يكون رأس مال كل منهما معلومًا.
جاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، في المعيار رقم (57) المتعلق بالذهب وضوابط التعامل به: يجوز أن يكون الذهب رأس مال في المشاركة والمضاربة بعد تقويمه عند التعاقد بعملة رأس المال باتفاق العاقدين؛ لمعرفة مقدار حصة الشريك في الشركة، ورأس المال في المضاربة والوكالة بالاستثمار، أما إذا كان يتعذر تقويمه فلا يجوز. اهـ.
وأما عن تحديد مدة المعاملة بعام، فإن تأقيت المضاربة بمدة، فيه خلاف بين أهل العلم، والراجح جوازه، كما سبق بيان ذلك في الفتويين: 98067، 10670.
وأما عن إعطائه الربح كل ستة أشهر، فيصح أن يعطي صاحب المصنع لصاحب المال مبلغًا بعد ستة أشهر، ويكون هذا المبلغ تحت الحساب، وإذا انتهت السنة ينظر في الربح الحاصل، فإن كان الربح أكثر، أعطى صاحب المصنع لصاحب المال بقية ربحه، وإن كان أقل رد صاحب المال ما زاد عن الربح.
وراجع للاطلاع على المزيد في صور عقد المضاربة وصيغته، وشروط صحته، الفتاوى: 385864، 386281، 280756، 206356.
والله أعلم.