شروط تأجير الأرض الزراعية

24-12-2025 | إسلام ويب

السؤال:
لديّ قطعة أرض زراعية أؤجرها لشخص ما، وهي تزرع دائمًا إما خضارًا وإما حبوبًا، وعرفت بالصدفة أنها زرعت فراولة في هذا الموسم.
وللإيضاح: كي تتمكن من زراعة الفراولة فلا بدّ من تجهيز الأرض، ومدّ شبكات التنقيط، ووضع مشمع على الزرع، وغير ذلك، وهناك فرق في مبلغ الإيجار، فإيجار فدان الفراولة أضعاف إيجار الفدان العادي، فهل من حق المستأجر ما فعل؟ وهل لي الحق في أن أطالب بها مع الشرح التفصيلي؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالفصل في مسائل النزاع مَرَدُّهُ إلى المحاكم الشرعية، أو من ينوب منابها؛ وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسّس على ذلك.

وأمَّا المفتي؛ فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوّره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء؛ ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.

والذي يمكن أن نفيد به السائل إجمالًا: أنه لا حرج في تأجير الأرض الزراعية، ولكن يشترط لصحّة ذلك تعيين المنفعة، وهل هي الزرع أم الغرس؟.

وتصحّ الإجارة المطلقة ليزرع فيها المستأجر أو يغرس ما شاء من الأنواع.

وإن خصّها المؤجر بالزرع وحده، صحّ ذلك، ولزم المستأجر، ولم يجز له غرسها؛ لأن الغرس أكبر في ضرر الأرض.

وإن عيّن فيها نوعًا من الزرع، صحّ هذا النوع وما دونه في الضرر بالأرض، ولا يجوز للمستأجر زراعة ما فوقه في الضرر. 

قال ابن قدامة في «المُغني»: إن استأجر أرضًا، صحّ ...

ولا يصحّ حتى يذكر ما يكتري له -من زرع، أو غرس، أو بناء-؛ لأن الأرض تصلح لهذا كلّه، وتأثيره في الأرض يختلف؛ فوجب بيانه.

فإن قال: أجرتكها لتزرعها أو تغرسها، لم يصحّ؛ لأنه لم يعيّن أحدهما، فأشبه ما لو قال: بعتك أحد هذين العبدين.

وإن قال: لتزرعها ما شئت، أو تغرسها ما شئت، صحّ، وهذا منصوص الشافعي ...

وإن أكراها للزرع وحده، ففيه أربع مسائل:

إحداهنّ: أكراها للزرع مطلقًا، أو قال: لتزرعها ما ‌شئت، فإنه يصح، وله زرع ما شاء، وهذا مذهب الشافعي ...

وليس له أن يغرس في هذه الأرض، ولا يبني؛ لأن ضرره أكثر من المعقود عليه ...

المسألة الثانية: أكراها لزرع حنطة، أو نوع بعينه، فإن له زرع ما يعينه، وما ضرره كضرره أو دونه، ولا يتعين ما عيّنه في قول عامة أهل العلم، إلا داود، وأهل الظاهر ...

إن أكراها للغراس؛ ففيه ما ذكرنا من المسائل، إلا أن له أن يزرعها؛ لأن ضرر الزرع أقل من ضرر الغراس. اهـ.

وفي حال تعدّي المستأجر بزراعة ما يزيد في ضرر الأرض؛ فعليه أجرة المثل، وقيمة الإضرار بالأرض.

قال ابن رجب في القواعد الفقهية: أن يؤذن له في زرع شيء؛ فيزرع ما ضرره أعظم منه؛ كمن استأجر لزرع شعير، فزرع ذرة أو دُخْنًا؛ فحكمه حكم الغاصب عند الأصحاب؛ لتعدِّيه بزرعه، فإنَّه غير مستند إلى إذن. والمنصوص عن أحمد -في رواية عبد الله-: أنَّ عليه ضمان أجرة المثل للزِّيادة ... اهـ. 

وقال القاضي عبد الوهاب في «المعونة»: ليس له أن يزرعها ما ضرره أشد من ضرر الحنطة، فإن فعل فلِرَبّها كراء الحنطة، وقيمة ‌الإضرار بالزيادة. اهـ. وانظر الفتوى: 31018.

 والله أعلم.

www.islamweb.net