الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أفضل ما يعمر به المؤمن وقته ويومه هو الانشغال بالقيام بالفرائض كالصلوات الخمس والصيام الواجب، وبر الوالدين، وصلة الأرحام وغير ذلك من الواجبات، وكذلك القيام بالسنن والمستحبات كالصلوات الراتبة وقيام الليل والصدقة المستحبة، وقراءة القرآن والتسبيح والذكر ونحو ذلك.
وإن أعظم حاجز ومانع يمنع العبد من الوقوع في الذنوب صغيرها وكبيرها هو مراقبة الله سبحانه وتعالى وتقواه وأن يعلم العبد أن الله مطلع عليه عالم بسريرته وعلانيته، فإن هذا يورث العبد خوفا من الله سبحانه وتعالى واستحياء منه، وكذلك تذكر الموت وشدته، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ {الحج: 1-2}.
ثم إذا ما وقع العبد في الذنوب فمن رحمة الله عز وجل أن جعل له سبلا للتخلص من آثارها وأعظم طريق للنجاة من الذنوب بعد الوقوع فيها هو طريق التوبة، وهي واجبة من كل ذنب. قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور: 31}. وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى: 25}. وقال صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه. رواه مسلم.
وكذلك من طرق التخلص من الذنب بعد الوقوع فيه أن يتبعه بعمل صالح. قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود: 114}. وقال صلى الله عليه وسلم: وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.0
وإذا فعل العبد الذنب ولم يتب منه أو لم يتبعه بعمل صالح فإنه مستحق ومعرَّض للعذاب، ولكن رحمة الله عز وجل أوسع وأعظم، وقد قال تعالى: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ {النجم: 32}. وقال تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم: إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي.
وراجع الفتوى رقم: 20739.
أسأل الله أن يغفر لنا ولك ويعفو عنا وعنك.
والله أعلم.