الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن على المسلم إذا أراد الدعاء الذي هو أساس العبادة ـ أن يتحلى بآداب الدعاء ومنها الخشوع في الدعاء وعدم الاعتداء فيه وأن يدعو وهو موقن بالإجابة، كما أرشد القرآن الكريم والسنة النبوية قال الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {لأعراف:55}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل. رواه الترمذي وحسنه الألباني. والدعاء المذكور لم نطلع فيه على ما يخالف العقيدة أو الشرع، وإن كان الأفضل للمسلم أن يدعو بأدعية القرآن الكريم والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، أو يقتبس منها وينسج على منوالها. فقد روى أبو داود وابن ماجة وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: كيف تقول في صلاتك؟، قال: أتشهد وأقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حولها ندندن. ومع ذلك فلا مانع شرعا أن يدعو المسلم بما تيسر له من الأدعية التي ينشئها من تلقاء نفسه، أو يختارها من أدعية غيره حسب حاجته وما يقتضيه المقام مادام ذلك بالضوابط الشرعية، فهاهم أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون بالأدعية المختلفة ...بل والأنبياء قبلهم وهم القدوة كان كل واحد منهم يدعو حسب حاجته وما يقتضيه المقام. نلاحظ ذلك في أدعيتهم في القرآن الكريم، فيقول إبراهيم عليه السلام في بعض أدعيته: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ {الشعراء:83}، وفي مقام آخر: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ {البقرة: 128} والأمثلة كثيرة والحاصل أنه لا مانع أن يدعو المسلم بالدعاء الذي يحتاج إليه، ويناسب حاله، وينبع من ضميره وحاجته، وربما كان ذلك أدعى للرغبة والرهبة والخشوع والاستكانة. كما أن الدعاء المذكور ليس فيه ما يخالف الشرع حسب اطلاعنا وإن كان الأفضل أن يدعو المسلم بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.