الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقمار من كبائر الذنوب، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {المائدة:90-91}.
ولشدة قبحه قرنه الله تعالى بعبادة الأصنام وبالخمر والأزلام، وهو يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ويدفع بالمتلاعبين إلى أسوأ الأخلاق، وأقبح العادات، ويورث العداوة والبغضاء بين المتلاعبين بأكل الأموال بينهم بالباطل، وحصولهم على المال بغير الحق، وما قد يتخيله البعض فيه من منافع، فإنه مغمور في بحور المضار والمفاسد المترتبة عليه، قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا {البقرة:219}.
ولهذا تحرم الإعانة عليه -أي القمار- بأي وجه من الوجوه، وقاعدة الشريعة أن المعين على ارتكاب المحرم شريك في الإثم، قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فقال: يا محمد إن الله عز وجل لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومستقيها. رواه أحمد، فلم يقتصر اللعن على شاربها، بل تعداه إلى كل من أعان على شربها.
وعلى هذا، فلا يجوز لزوجك وضع جهاز القمار في محله، لما في ذلك من الإعانة على الحرام، وكونه سيتصدق بعد ذلك بأرباح القمار لا يبيح له ذلك.
وكذا تدهور أوضاع المحل لا يبيح له ذلك، فسبل كسب الرزق الحلال كثيرة والحمد لله لأن الرزق بيد الله تعالى، فمن سأله إياه بصدق وإخلاص واتقى الله جل وعلا رزقه الله من حيث لا يحتسب، كما قال سبحانه وتعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، وقال صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن يطلبه أحدكم بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته.
وقال صلى الله عليه وسلم: أجملوا في طلب الدنيا، فإن كلا ميسر لما خلق له. رواهما ابن ماجه وأبو نعيم وسعيد بن منصور عن أبي حميد وأبي أمامة بألفاظ متقاربة.
فلا يظن زوجك أن سبل الرزق قد أغلقت أو استحالت، وأنه لا يمكنه العثور على سبل للكسب الحلال، بل إذا ترك الحرام لله عز وجل عوضه الله خيراً منه.
والله أعلم.