الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد أباح الله للمسلم أن يتزوج أكثر من امرأة واحدة إلى أربع بشرط أن يعدل بين الزوجات، قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3}. والعدل يكون في المبيت والمأكل والمشرب والملبس والمسكن وفي الزينة، وراجع في هذا فتوانا رقم: 3604. وإذا رضيت المرأة بالتنازل عن شيء من هذه الحقوق فلا حرج على الزوج في حرمانها مما تنازلت عنه، ولكن يحق لها أن ترجع عن تنازلها متى أرادت، وإليك كلام أهل العلم في ذلك، قال المرداوي في الإنصاف: يجوز للمرأة بذل قسمها ونفقتها وغيرهما ليمسكها، ولها الرجوع، لأن حقها يتجدد شيئا فشيئا.ا.هـ. وفي المدونة: قلت: أرأيت إن أعطته هذا ثم شحت عليه بعد ذلك، فقالت: افرض لي؟ قال: (يعني مالا) ذلك لها متى ما شحت عليه قسم لها أو يفارقها.ا.هـ. وقال الشافعي في الأم: وإذا وهبت له ذلك، فأقام عند امرأة له أياما ثم رجعت، استأنف العدل عليها، وحل له ما مضى قبل رجوعها.ا.هـ. وقال الكاساني في بدائع الصنائع: ولو وهبت إحداهما قسمها لصاحبتها، أو رضيت بترك قسمها جاز، لأنه حق ثبت لها....... فإن رجعت عن ذلك وطلبت قسمها فلها ذلك.ا.هـ. وبناء على هذا؛ فلا يصح أن تشترط على من تريد التزوج بها عدم العدل في تلك الأمور التي سألت عنها، ولكن المرأة إذا رضيت بالتنازل عنها، فلك ذلك، ومتى عادت فيها عاد لها الحق أو تطلقها. ونشير هنا إلى أن مسألة الميراث ليس من حقك أن تعطيها أنت أو تمنعها، لأن الحق لها فيه بالأصالة، ولو تنازلت عنه قبل وفاتك لكانت غير ملزمة بذلك التنازل لأنه إسقاط حق قبل وجوبه. والله أعلم.