الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في القدر المحرم من الرضاع، فمذهب المالكية والحنفية أن الحرمة تحصل بوصول لبن المرضعة إلى جوف الرضيع، سواء كان الواصل قليلا أو كثيرا، ودليلهم في ذلك ذكر الحرمة بالرضاع دون تقييد. قال تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ {النساء: 23}. وقال صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. متفق عليه. وتأولوا الأحاديث التي فيها تحديد عدد الرضعات المحرم بحملها على ما إذا لم يتحقق وصول اللبن إلى جوف الرضيع.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن التحريم لا يكون إلا بخمس رضعات، لما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات.
والمذهب الأخير هو المرجح، ويشترط لاعتبار الرضعة أن تحصل بحيث يمسك الرضيع الثدي ثم يرضع منه حتى يتركه باختياره، فهذه هي الرضعة المشبعة، وقد تتكرر في المجلس الواحد.
وعليه، فمن تزوج وأنجب ممن رضعت معه فزواجه صحيح على المذهب المرجح، إلا إذا كان الرضاع قد تم على الوضع الذي أسلفناه.