الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كذب الزوجة على زوجها خوفاً من حصول مشكلة بينهما جائز عند أهل العلم، ويدل له ما في صحيح مسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيراً أو ينمي خيراً. قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس أنه كذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها.
ولكن الأولى لها أن تستخدم التعريض والتورية، لقول عمران بن حصين: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب.
ولقول عمر بن الخطاب: أما في المعاريض ما يكفي المسلم عن الكذب. رواهما البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح.
هذا فيما يخص كذب الأم على زوجها.
وأما الذي عليكم أن تفعلوه، فإن هؤلاء القوم أهدوا إليكم هدية، وظاهر كلامك أنه حصلت الحيازة منكم فأصبحت ملكاً لكم يجوز لكم التصرف فيها بما تشاؤون، ويستحسن أن تكافئوهم بما تيسر، فالأصل هو قبول هدية المهدي إن لم يكن هناك إشراف أو خوف من ترتب مفسدة عليها، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها؛ كما رواه البخاري، وكان يدعو إلى قبولها: فقد قال: لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت. رواه البخاري.
وقال لعمر رضي الله عنه: إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك. رواه البخاري ومسلم.
وقد ذكر النووي في شرح مسلم أن أهل العلم اختلفوا في وجوب قبول الهدية واستحبابه وإباحته، والصحيح الذي عليه الجمهور أنه يستحب.
وبناء على القول باستحبابها، فإنه كان الأولى بكم تقديم طاعة الوالد والاعتذار عن قبولها بما لا يحرجكم أمام هؤلاء القوم، وأما إذ حزتموها فقد أصبحت ملكاً لكم وليس عليكم حرج في تمولها .
والله أعلم.