الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فما نسبته من الإساءة الصادرة من أبناء أخيك والاعتداء عليكم بالضرب والسب ثم التحايل أمام الشرطة ليجرموكم ويبرئوا أنفسهم أخطاء كبيرة في حقكم، وقطع منهم لما أمر الله به أن يوصل، وكان الواجب أن يبروكم ويصلوكم ويعتبروكم بمنزلة أبيهم أو قريبا منها.
والذي ينبغي لكم أنتم هو أن تعاملوهم بنقيض ما عاملوكم به، وبذلك تربحون عدة أمور:
الأول: أنهم ستتحول العداوة التي عندهم إلى مودة. قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت: 34-35}.
الثاني: أنكم بذلك تصلون ما أمر الله به أن يوصل، فإنهم ولو بلغوا ما بلغوا من الطيش أو بلغ أبوهم من الانحراف ما بلغ فإنهم رحم لكم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري.
الثالث: أنكم بتغاضيكم عن أخطائهم وصلتهم والإحسان إليهم ينصركم الله عليهم. ففي صحيح مسلم أن رجلا قال: يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك، ومع هذا، فإنه يباح لكم الانتقام منهم بقدر ما وقع عليكم، وينبغي أن يكون ذلك عن طريق القضاء، ولكن العفو أفضل. قال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}.
والله أعلم.