الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جاء الحديث الذي ذكرته في صحيح البخاري وفي مسند الإمام أحمد، وجاء في الأدب المفرد للبخاري بلفظ: إذا أخذت كريمتيك فصبرت عند الصدمة واحتسبت.... وعند ابن حبان من حديث العرباض بن سارية: إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين لم أرض له ثوابا دون الجنة إذا حمدني عليهما. وأخرج الترمذي: إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة. ووردت روايات أخرى للحديث تفيد كلها الإصابة في العينين معا أي ذهاب البصر بالكلية، فلا يمكن تفسير هذا على أن المقصود به العين الواحدة، لأن مثل ذلك لا يمكن أن يقال بالاجتهاد، ولم يوجد نص يدل عليه.
وعليه فالحديث إنما يعني الضرير وليس يعني فاقد العين الواحدة، ولكن صاحب العين الواحدة مثاب أيضاً إذا صبر، وليس البلاء دليلاً على غضب الله، بل قد يكون كفارة للذنوب أو علوا في الدرجات، قال ابن حجر في فتح الباري عند شرح الحديث السابق: وابتلاء الله عبده في الدنيا ليس من سخطه عليه، بل إما لدفع مكروه أو لكفارة ذنوب، أو لرفع منزلة، فإذا تلقى ذلك بالرضا تم له المراد، وإلا يصير كما جاء في حديث سلمان أن مرض المؤمن يجعله الله له كفارة ومستعتبا، وأن مرض الفاجر كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلا يدري لم عقل ولم أرسل، أخرجه البخاري في الأدب المفرد موقوفاً.
والله أعلم.