الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يعرف فيما نعلم أن ابن عمر كان يعيد الصلاة التي صلاها، بل المنقول عنه خلاف ذلك، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان من حديث سليمان بن يسار قال: أتيت ابن عمر وهو بالبلاط والقوم يصلون في المسجد، قلت: ما يمنعك أن تصلي مع الناس؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين. قال في عون المعبود: قال الخطابي في المعالم: هذه صلاة الإيثار والاختيار دون ما كان لها سبب كالرجل يدرك الجماعة وهم يصلون فيصلي معهم ليدرك فضيلة الجماعة توفيقا بين الأخبار ورفعا للاختلاف بينهما... وقال في الاستذكار: اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين أن ذلك أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضا، وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها نافلة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أمره بذلك، فليس ذلك من إعادة الصلاة في يوم مرتين، لأن الأولى فريضة والثانية نافلة، فلا إعادة حينئذ. انتهى. وقد قال صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين لم يصليا معه: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة، أخرجه أصحاب السنن.
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم أو قال: كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها فصل الصلاة لوقتها، ثم إن أقيمت الصلاة فصل معهم، فإنها زيادة خير.
وعليه، فلعل ما نقل عنه من أنه كان يعيد الصلاة -إن صح النقل عنه- لعل ذلك داخل تحت ما ذكرناه من الأسباب مما يسوغ إعادة الصلاة مرة أخرى.
والله أعلم.