الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز أن يوصي المرء بحرق جثته بعد الموت، لأن حرق الجثة محرم، ومن الممنوع أن يوصي المرء بمحرم، وقد استدل أهل العلم على تحريم حرق جثة الميت بما أخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كسر عظم الميت ككسره حيا. قال الباجي في المنتقى: ..يريد أن له من الحرمة في حال موته مثل ماله منها حال حياته، وأن كسر عظامه في حال موته يحرم، كما يحرم كسرها حال حياته. وإذا امتنع كسر عظامه، فالإحراق أولى بالتحريم، وراجع فيه الفتوى رقم: 45300. وأما عن شعور الميت بما يحصل لجثته، فإنه من الأمور الغيبية التي لا يصح الكلام فيها إلا بدليل من الكتاب أو السنة. ومع ذلك فقد استدل بعض أهل العلم بالحديث السابق على أنه يتألم ويحس، ففي عون المعبود، لما ذكر أن في الحديث إشارة إلى أن الإنسان لا يهان ميتا كما لايهان حيا، قال: .. قال ابن مالك: وإلى أن الميت يتألم. قال ابن حجر: ومن لازمه أنه يستلذ بما يستلذ به الحي...