الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن النكاح الذي شرع الله هو أن يخطب الرجل المرأة عند وليها فإن وافق ووافقت هي أيضاً وأرادوا عقد النكاح قدموا شخصاً مسلماً سواء كان مأذوناً أو غير مأذون يعقد لهم بحضور شاهدي عدل، وكنا قد ذكرنا شروط النكاح في الفتوى رقم: 1766، ورقم: 5962، فإذا تم العقد ترتبت عليه آثكار النكاح الصحيح، أما أن يتفق الطرفان الشاب والفتاة من غير عقد نكاح متكامل الشروط المذكورة في الفتوى المشار إليها، فإن هذا هو الحرام بعينه، ولو وافق أهلها على ذلك فلا يخرجه عن الحرام، ومن أراد تجنب الوقوع في الحرام فليتزوج على الطريقة الشرعية التي أشرنا إليها وكنا قد أشرنا إلى أن النكاح لا يشترط في صحته أن يكون عند مأذون ولا عند المحاكم الشرعية في الفتوى رقم: 52757، ورقم: 25024، فمتى استكمل شروطه فإنه نكاح صحيح، هذا إذا كانت البنت المذكورة بالغة، أما إن كانت غير بالغة فإنه لا يجوز الإقدام على تزويجها قبل البلوغ كما هو مذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل إلا أنه أي أحمد قال لا يجوز تزويجها قبل أن تبلغ تسع سنين.
قال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن عند قوله تعالى: وإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ {النساء: من الآية3} قال: تعلق أبو حنيفة بهذه الآية في تجويزه نكاح اليتيمة قبل البلوغ إلى أن قال: وذهب مالك والشافعي والجمهور من العلماء إلى أن ذلك لا يجوز حتى تبلغ وتستأمر. انتهى.
وعللوا منع تزويجها بأنها لا بد أن تستأذن، وقبل البلوغ لا إذن لها لعدم معرفتها بمصلحتها.. إلا إذا خيف عليها من الفساد فإنها تزوج بشروط ذكرها متأخرو المالكية منها الخوف عليها من الضياع بعدما حاضت وبلغت عشر سنين وأذنت لوليها نطقاً، وكون الزوج كفؤاً في الدين والنسب والحرية والحال والمال، وكان الصداق مهر مثلها وشوور القاضي ليثبت عنده هذا كله، فيأذن للولي بتزويجها فإن لم يوجد حاكم أو نائبه نابت جماعة المسلمين في ذلك منابه.
والله أعلم.