الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: نسأل الله أن يوفقك للخير، ونذكرك أيتها الأخت الكريمة بأن هذه الدنيا هي دار ابتلاء واختبار يمر فيها الإنسان بأنواع من الاختبارات، فهذا يبتلى بالفقر، وهذا بالمرض، وهذا بموت القريب والحبيب. والعاقل من عرف قيمة الدنيا وأنها دار عبور وممر، ومهما كثرت منغصاتها وعظمت مصائبها فإنها مع ذلك لا تستحق أن يتألم الإنسان من أجلها، وعلى العاقل أن ينظر إلى حال غيره ممن هو أشد بلاء منه، ويحمد الله على حاله. وتذكري حال عروة بن الزبير، فقد ذكر المزي -رحمه الله تعالى- في تهذيب الكمال في ترجمته أنه وقعت الآكلة في رجله، فقيل له: ألا ندعو لك طبيبا، قال: إن شئتم، فجاء الطبيب، فقال: أسقيك شرابا يزول فيه عقلك، فقال: امض لشأنك، ما ظننت أن خلقا يشرب شرابا ويزول فيه عقله حتى لا يعرف ربه، قال: فوضع المنشار على ركبته اليسرى ونحن حوله فما سمعنا له حسا، فلما قطعها جعل يقول: لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن ابتليت لقد عافيت. وما ترك حزبه من القراءة تلك الليلة. فانظري إلى هذا الصبر على البلاء، وتذكر النعم وهو في تلك الحال، وعموما فنقول لك: إن بيدك سلاحا فعالا وإن تأخر أثره ألا وهو الدعاء، فأكثري من الدعاء، وتجنبي الذنوب وتوبي إلى الله منها. وننصحك بأن تقبلي بالزوج الصالح وإن كان متزوجا، فليس الزواج عيبا، ولذا فلا نرى مبررا لرفض الرجل المتزوج، واشغلي أوقاتك بفعل الطاعات وتلاوة القرآن ومطالعة الكتب النافعة ومجالسة النساء المؤمنات التقيات، فإن غفلت ذكرنك، وإن ذكرت كن عونا لك . والله أعلم.