الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فما وصفت به أختك هذه من سوء خلق، ومشي بالنميمة، ووقوع في الأعراض، وإفساد بين الناس، وعقوق لأمها وإخوتها، ومشاكل مع الزوج، ونشوز عنه، وذهاب إلى دول الكفر، وحمل من السفاح وغير ذلك مما أوردته مفصلا في سؤالك، كلها أمور في غاية البعد عن الاستقامة. ومع هذا فاعلم أن صلة الرحم من آكد الواجبات، قال الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام {النساء: 1}. وأخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش، فاستفيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله قدمت علي أمي وهي مشركة راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم، صلي أمك. فإذا كان هذا في حق الكافر، فمن باب أولى أن يكون من حق المسلم الفاسق. وقطع الرحم من جهة لا يبيح للجهة الثانية قطعه، ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. وبناء على هذا وبناء على وجوب طاعة الأم إذا أمرت بمعروف فإن من واجبك أن تصطلح مع أختك بقدر ما تحصل به صلة رحمها، مع إظهار عدم الرضا عما هي عليه، وإذا خشيت أن يلحقك ضرر بكثرة مواصلتها أو مخالطتها فاقتصر على أقل ما يرضي أمك من صلة رحم أختك ومصالحتها، ومن تمام صلة رحمها أن تدعو لها بالاستقامة وتنصحها وتذكرها بالله وبخطورة ما هي فيه، وبسوء العاقبة إن ماتت قبل التوبة، فإن ارعوت عن غيها فذلك المطلوب، وإلا كنت قد أديت ما عليك نحوها ونحو أمك، ولا يمكن وصفك بعد ذلك بالعقوق أو بقطيعة الرحم، واعلم أن الشيطان سيحاول الوقوف بينك وبين هذا الخير فلا تطعه فإنه لا يأمر إلا بشر.