الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأذان إعلام بدخول وقت الصلاة، بألفاظ معلومة مأثورة، على صفة مخصوصة، يحصل بها الإعلام، والإقامة تشترك مع الأذان في أنها إعلام، ولكنهما يفترقان من حيث إن الإعلام في الإقامة للحاضرين المتأهبين لافتتاح الصلاة، والأذان للغائبين ليتأهبوا للصلاة.
أما عن كيفية الإقامة، فقد اتفقت المذاهب على أن ألفاظ الإقامة هي نفس ألفاظ الأذان في الجملة، بزيادة: "قد قامت الصلاة" بعد "حي على الفلاح".
وكذلك اتفقوا على أن الترتيب بين ألفاظها هو نفس ترتيب ألفاظ الأذان، إلاّ أنهم اختلفوا في تكرار وإفراد ألفاظها على الوجه الآتي:
الله أكبر: تقال في بدء الإقامة مرتين عند المذاهب الثلاثة، وأربع مرات عند الحنفية.
أشهد أن لا إله إلا الله: تقال مرة عند المذاهب الثلاثة، ومرتين عند الحنفية.
أشهد أن محمدًا رسول الله، وحيّ على الصلاة، وحيّ على الفلاح، كمثل الشهادة الأولى.
قد قامت الصلاة: تقال مرتين عند الثلاثة، ومرة عند المالكية، على المشهور.
الله أكبر: تقال مرتين على المذاهب الأربعة.
لا إله إلا الله: تقال مرة واحدة على المذاهب الأربعة.
احتج الجمهور بما روي عن أنس -رضي الله عنه- قال: أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة. متفق عليه.
ودليل الأحناف في تشفيع الإقامة: حديث عبد الله بن زيد الأنصاري -رضي الله عنه- أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، رأيت في المنام كأن رجلًا، قام وعليه بردان أخضران، فقام على حائط، فأذن مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى. أخرجه أبو داود، وحسنه ابن عبد البر، كما في فتح الباري.
وأما إفراد لفظ: "قد قامت الصلاة" عند المالكية، فدليلهم عليه عموم حديث أنس السابق: أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة.
أما عن حكم الصلاة دون إقامة، فالصحيح -إن شاء الله- أن الإقامة سنة مؤكدة، وأن الصلاة تصح دونها، ولكن هذا لا يعني جواز تركها دون كراهة، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يسع المسلم تركها، وإذا تركها، فقد أساء؛ لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة.
والدليل على أنها سنة، وأن الصلاة تصح دونها: حديث المسيء في صلاته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول له: افعل كذا وكذا، ولم يذكر الأذان، ولا الإقامة، مع أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الوضوء، واستقبال القبلة، وأركان الصلاة، ولو كانت واجبة لذكرها.
والله أعلم.