الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المقاصد السامية التي جاء الإسلام لإرسائها وصيانتها حسن الصلة، وتمام الألفة والمودة بين المسلمين، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات: 10}.
وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً. رواه البخاري ومسلم.
ولاشك أن أمك وخالتك قد تقدمت بهما السن، ويغلب في المرء إذا وصل إلى مثل هذه السن أن يصاب بنوع من العصبية وضيق الصدر، فوصيتنا لكم أن تسلكوا جانب الحكمة في التعامل مع هذه المشكلة، وأن تسعوا إلى الإصلاح بينهما بشيء من التروي، فتستعينوا بالله أولاً بالدعاء والتضرع إليه أن يوفقكم في ذلك، ثم تستعينوا بأهل الخير والفضل أو العقلاء من قومكم، فيذكروهما بما بينهما من رحم، وبما للرحم من شأن عظيم، وما في صلتها من الأجر العظيم، وما في قطيعتها من الإثم المبين، وتراجع الفتوى رقم: 4417.
وتنصح خالتكم على وجه الخصوص بخطورة أذى الخلق، وسوء الخلق في التعامل مع الناس، وأن ذلك مع ذوي الرحم، بل ومع الأخت أشد خطراً.
وتنصح أمكم بالصبر على أذى أختها، وأن تقابل الإساءة بالإحسان، فلعل ذلك أن يكون عوناً في الإصلاح بينهما، فإن تم الصلح فالحمد لله، وإن لم يتم الصلح فأخبروا أمكم أنه لا يلزمها شيء شرعاً وأنها لم ترتكب إثماً بمعاتبتها لأختها، وأن إثم القطيعة على تلك الأخت، فإنكم إن فعلتم ذلك سيذهب إن شاء الله عن أمكم ما تهمه من شأن قطيعة الرحم.
وننبهكم إلى أن الواجب عليكم صلة خالتكم على كل حال، ولا يحملنكم ما حدث بينكم وبين أمكم على قطيعتها، وتراجع الفتوى رقم: 45929.
والله أعلم.