الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن بر الوالدين في المعروف من آكد الحقوق والواجبات وأعظم القربات قال الله تعالى ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً وقال سبحانه وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً.
وعلى هذا فندعوك إلى بذل الجهد قدر المستطاع في البر بوالديك ومن ذلك خدمتهما وحسن صحبتهما وبذل المال لهما تطييباً لخاطرهما وكسب ودهما ورضاهما ولو كانا في غير حاجة إلى ذلك طلباً للأجر من عند الله تعالى ثم رضاهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخطه رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححه.
أما إن كان الوالدان في حاجة إلى النفقة وليس عندهما مال فالواجب عليك نفقتهما من مالك ويشارك في ذلك أخوك وأخواتك إن كان لديهم مال مثلك.
ولو اتفقت أنت وإخوتك على دفع مبلغ معين شهرياً للوالدين يتحمل كل منكم دفع جزء منه لكان ذلك حسناً لأنكم بذلك تجمعون بين بر أبويكم وبين عدم الإضرار بأحدكم.
وبخصوص ما ذكرت من عدم اعتراف أبويك بالجميل الذي تقدمينه لهم فلا تلتفتي إلى ذلك، وليكن همك رضا الله تعالى في ذلك، وإياك أن يصدر منك قول أو فعل نحو أبويك غير الإحسان إليهما والتوقير، بل عليك دائماً أن تقابلي إساءتهم لك بالإحسان.
ولا يضرك بعد ذلك ما تشعرين به من إحساس بظلمهم لك ما دام ذلك لم يترجم إلى قول أو فعل، وإن كان الأولى بك محاولة التخلص من هذا الإحساس.
هذا وندعو أبويك إلى أن يتقيا الله فيك ولا يتسببان في عقوقك لهما ومن ذلك تفريقهما بينك وبين إخوتك في التعامل، ونذكرهما بما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله والداً أعان ولده على بره .
ولا يلزمك نفقة أقاربك غير الوالدين والأولاد.
والله أعلم.