الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك، فعلى ضوء هذا المنهج النبوي الشريف، وحسب تقسيمه للناس في رغبتهم لا يكاد يخرج شيء من الأنكحة عن هذه المقاصد الأربعة.
ونحن يجب أن نختار لأنفسنا في شريكة الحياة أعلى المراتب - وفق ترتيب الشارع- وليس أدناها، لأن الإنسان محبٌ للرقي في مراتب الدنيا والآخرة.
ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدنيا متاع، وخير متاعها: المرأة الصالحة. رواه مسلم. هذا قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي ليس بعده قول، ونصيحة ما بعدها نصيحة، وما أجمل قوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله. رواه ابن ماجه، وفي سنن أبي داود، وأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم على المرأة الصالحة أنها كنز فقال: ألا أخبرك بخير ما يكنزه المرء: المرأة الصالحة … الحديث.
فالزوجة الصالحة تعين زوجها على أمور الدنيا والدين، فهي تطيع زوجها ولا تعصيه إلا إذا أمرها بمعصية، فإنها لا تطيعه فيها، وهي تعرف حقوق الزوج، فتتزين له وتتجمل، فإذا نظر إليها سرته، وتبر قسمه، لأنها تعرف أن طاعة الزوج من طاعة الله، وتحفظ غيبته زوجها، فتحافظ على ماله، ولا تفرط في عرضها ونفسها، ولا تخون زوجها أبداً.
فإذا كانت المرأة كذلك، شعر الزوجان بالأمن والأمان، ووثق كل منهما بالآخر، واطمأن الزوج على أولاده، لأن الأم الصالحة تربيهم على الفضيلة ومكارم الأخلاق، وكما يقول شوقي:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.
ولتعلم -أخي السائل الكريم- أن الأبناء يتأثرون بالأقارب من جهة الأب والأم، وربما يقتدون بهم، فإذا كانت خطيبتك بتلك الصفات التي ذكرتها وتزوجت، فإنك ستتضرر ولا شك، لأن أم هذه المرأة على علاقات مع رجال آخرين كما ذكرت، أي جدة الأولاد فيما بعد بهذه الصفة، وهذا عار ما بعده عار، وكذلك خالة خطيبتك …..إلخ. إذاً هي عائلة سيئة السمعة كما ذكرت، بل إن المدينة بكاملها تتحدث عن علاقة الخالة السيئة، وقد نصحك كل كبار السن وأعمامك بترك الارتباط بهذه العائلة وهم على حق.
وأما ما وقعت فيه من خطيئة مع تلك المرأة، فلا شك أنه كبيرة عظيمة، ومن أعظم أسبابها التساهل في العلاقات قبل الزواج، وهي عادة محرمة وعلاقة منكرة، ولكنك تبت والحمد لله منها نسأل الله أن يتقبل منك، وأن تكون توبة نصوحاً أي صادقة، فلا تستمر معها أبداً ولا تفكر بها، وسواء كانت عذراء أو غير عذراء قبل فعلك المنكر فلا عبرة بذلك، وخاصة في مثل حالتك، فأحسن علاقتك بالله، وأكثر من الأعمال الصالحات، وإن أتيت بحج أو عمرة فحسن. قال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:70]. وقال صلى الله عليه وسلم: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وأحمد والحاكم وصححه، فإذا أكثرت من الطاعات، وابتعدت عن كبائر الذنوب، فإن الله يتوب عليك بفضله ومنِّه وكرمه ومشيئته: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222].
نسأل الله أن يوفقك في شؤون دينك ودنياك.
والله أعلم.