الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لصاحبة هذا الحساب الانتفاع بهذا المال الذي نزل في حسابها، لأن هذا المال: إما أن يكون قد نزل في حسابها عن طريق الخطأ والواجب هو رده إلى البنك ليرده إلى صاحبه، وإما أن يكون هدية من البنك ولا يجوز قبولها لأن أصحاب حسابات التوفير، والحسابات الجارية في البنوك الربوية هم في الحقيقة مقرضون للبنوك، والمقرض لا يجوز له أن ينتفع من المقترض بشيء بسبب القرض، لأن كل قرض جر نفعاً فهو رباً، وإما أن يكون هذا المال عن فوائد ربوية، مشروطة بإيداع مبلغ معين في الحساب، كما هو مذكور في السؤال، وهذا لا يجوز لأنه تعامل ربوي صريح، وراجعي للتفصيل الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53677، 53131، 1388.
ولا يجوز لأختي هذه المرأة معاونتها على الانتفاع بهذا المال، لعموم قوله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، كما لا يصح نذر هذه المرأة أن تعطي أختيها، أو الفرع الفقير من العائلة من هذا المال، لأن هذا نذر معصية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه. رواه البخاري، وراجع الفتوى رقم: 13567.
والواجب عليكم نصح هذه المرأة، بترك أخذ هذا المال، وتذكيرها بالله وبذل قصارى الجهد في ذلك، فإن هذا من أعظم صلتها، وراجعي الفتوى رقم: 5640، فإن استجابت فالحمد لله، وإن أخذت هذا المال، ولم يكن لها مال غيره فلا يجوز لكم الأكل من مالها أو قبول هديتها، والتأدب معها في هذه الحال يكون بترك الأكل من مالها والامتناع عن قبول هديتها مع بيان سبب ذلك.
أما إذا كان لها مال غيره ففي جواز الأكل من مالها وقبول هديتها، تفصيل قد بيناه في الفتوى رقم: 7707، والفتوى رقم: 18559، وفي حالة عدم جواز الأكل من مالها، يجب إعلام ابنة هذه المرأة بحقيقة الأمر حتى لا تقع في أكل المال الحرام وهي لا تدري، وإعلامها من النصيحة الواجبة، قال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
ومجرد التفكير في الانتفاع بهذا المال الحرام أو نية ذلك لا يترتب عليه إثم ما لم يصاحبه عمل أو قول لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به. متفق عليه.
والله أعلم.