الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أولى الناس بالتمسك بتعاليم الدين (وخصوصاً ما تعلق منها بالهدي الظاهر) هم طلبة العلم والدعاة إلى الله تعالى، إذ إنهم الطليعة والروََّاد والقدوة والمبشرون بعزّ الإسلام، وهديه وحسن سمته.
ولاشك أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الظاهر والباطن، فإذا صلح الباطن فينبغي أن يُرى أثر ذلك الصلاح على الظاهر، وانظري الفتوى رقم: 2846.
ولكن إذا خالف بعض العلماء والدعاة فتركوا شيئاً من الهدي الظاهر، فإن الأوْلى إحسان الظن بهم، فإن ثمت موانع قد تمنع بعضهم من التمسك بما شرعه الله تعالى من الهدي الظاهر، ومن هذه الأسباب: عدم اعتقاد وجوب التزام ذلك الهدي، ومن ذلك إعفاء اللحية، فمع أن الجمهور على وجوب إعفائها وحرمة حلقها للأدلة المتكاثرة على ذلك (انظريها في الفتويين: 14055، 2711.
إلا أن المتأخرين من الشافعية لا يقولون بحرمة حلقها، وإنما يقولون بكراهة ذلك، وانظري الفتوى رقم: 1491.
وكذلك إسبال الثياب، فمع اتفاق العلماء على حرمة جر الثوب خيلاء، إلا إنهم اختلفوا في حكم من أسبل ثوبه لكن بدون خيلاء، وانظري الفتوى رقم: 5943.
هذا، وينبغي التنبه إلى أمور:
الأول: أن ترك بعض العلماء والدعاة لبعض الواجبات أو المندوبات تهاوناً وتقصيراً أو تأولاً لا يجعلنا نتابعهم على ما هم عليه، فإن متبوعنا هو نبينا المعصوم صلى الله عليه وسلم.
الثاني: ليس كل من ظهر على شاشات التلفاز أو نُشر له في الصحف يكون من العلماء الذين يؤخذ عنهم، فإن مجال الإعلام قد دخله أناس كثيرون، فمنهم من يقتدى بفعالهم، ومنهم من ليس أهلاً لذلك.
الثالث: إن قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم لا يدل على أن التمسك بالهدي الظاهر ليس مما لا ينظر الله إليه، بل هو من الأعمال المطلوبة، إما على الوجوب أو الاستحباب.
الرابع: من الأدب مع نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أن إذا ذكرناه أن نصلي عليه كما أمرنا، الأفضل أن تجمع بين التلفظ بالصلاة عليه وكتابتها، وأن لا نكتفي بالرمز (صلعم) اختصاراً، وانظر الفتوى رقم: 7334.
والله أعلم.