الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت تشتري كمية محدودة من العسل بثمن مؤجل، وتشترط على البائع أن ترد منها ما لم تتمكن من بيعه، فإن البيع صحيح والشرط باطل، لأنه ينافي مقتضى العقد، قال البهوتي في كشاف القناع: من الشروط الفاسدة: شرط في العقد ما ينافي مقتضاه نحو أن يشترط أن لا خسارة عليه أو شرط أنه متى نفق المبيع -أي باع السلعة- وإلا رده... فهذا الشرط (لا يبطل البيع) لحديث عائشة قالت: جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية فأعينيني فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم، ويكون ولاؤك لي فعلت فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبوا عليها فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقالت إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق، ففعلت عائشة ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق ودين الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق. متفق عليه، فأبطل الشرط ولم يبطل العقد.... (والشرط باطل في نفسه).
وعلى هذا فالكمية التي تشتريها من البائع تلزمك كلها ولا يصح أن تشترط أن ترد ما لم تتمكن من بيعه منها، أما إذا كنت تشتري كمية غير محدودة، على أن هذه الكمية تتحدد بناء على ما تستطيع بيعه، فهذا البيع لا يصح، لجهالة المقدار والثمن، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: فلا بد من كون الثمن والمثمن معلومين للبائع والمشتري وإلا فسد البيع. وقال ابن عابدين: وشرط الصحة معرفة قدر مبيع وثمن.
والله أعلم.